عمر الخطابي سلالة الثورة

عبد القادر الشاوي / جريدة الميدان، العدد 1- يوليوز2006

كلنا يذكر أن الثورة الأولى غادرت إقليمنا الريفي المتاخم للجبال ذات تحالف شرس قضى على أوفاقها في بداية العشرينات من هذا القرن. ضربت الطائرات مضاربنا الأليفة بالغازات السامة، و قتلت ما كان ظاهرا على الأرض قتلا، ثم تقدمت نحو العلامات الخاصة التي كانت من وجوه التحرر فدمرت خطوطها و حطمت شواهدها و شوهت آثارها.
و هكذا التحق الريف الدامي كله بالجغرافية المحجوزة التي كان قد استوى عليها المارشال ليوطي و تركها من بعده لجماعة من الأفاقين العتاة الذين حملوا الاستعمار فوق ظهورهم و راحوا يتبخرون به الأمصار السليبة. الريف جغرافية سليبة دكها الغزاة، و الثوار الذين أماتوا الاستعباد ساروا في موكب الجنازة إلى دار الشهادة، أما بعض الأحياء فقد فروا إلى الجبال القريبة، و منهم من هاموا على وجوههم طلبا للأمان، و لم يبق في تلك الديار، على ما تذكر جميع الأساطير البطولية المروية، إلا الذين أقفلوا عليهم أبواب الذاكرة لكي لا تعود بهم إلى مجد منكسر.
سيغادر ثلاثة من الرجال على الأقل آخر المواقع البؤرية المدمرة:محمد و امحمد و عبد السلام. أخوان متلازمان أخذا حظا محترما من العلم و المعرفة و فنون الكر و الفر، و عمهما الذي يجسد، على نحو ما، استمرار الهبة الريفية من أيام الشيخ أمزيان و بوادر الانعتاق التي اجترحها الريفيون منذ ما قبل " سطوع" قرن الإمبريالية. و لم يكن يبدو على الذاهبين في عرض البحرأنهم أسرى حرب تحريرية ما، و لا كانوا يعرفون الوجهة التي تنتظرهم، و لا كانت عليهم أمارات الاستسلام، فقد تركوا ورائهم وطنا ظنت به النخب أنه قادر على الاستمرار حتى بعد أن كانوا يستعدون لإيجاد حركة بديلة تهتم بالسياسة دون غيرها، و تحكم منطق المساومات دون غيره، و تفاوض دون غيره...أن المقاومة التحريرية المسلحة قد غادرت الجبال إلى غير رجعة، و أنه لن تسمع بعد اليوم اية هبة مزمجرة تخيف الطامعين و تعرقل خططهم في تلك الديار. المرحلة الجديدة في ظنهم، كما قال علال الفاسي نفسه و هو يؤرخ للحركات الاستقلالية، سترفع الراية البيضاء في مقام الراية السوداء التي كانت علما للمقاومين في الجبال.
سينام المغرب الأقصى في سكينة الحركة الوطنية التي حاولت إقناعه بالعمل السياسي السلمي، و ستظهر في نخبه الميالة إلى الدعة و الاستسلام على وسادة من الحرير المهرب من الصين، و ستحاول الجرائد أن تقول باللغة المطلبية ما لم يستطع السلاح أن يوفيه حقه بالعنف.
و في الوقت الذي كانت فيه معركة أنوال قد ألهبت مشاعر الناس بالآمال التحريرية أصبح من المؤكد أن التراجيديا الريفية التي تشكلت في قمة الخذلان ستدخل التاريخ كأسطورة رهيبة لم يسبق للشمال الإفريقي كله أن عاش مثلها. و هكذا يمكن القول أن رسو الباخرة، الأميرال بيير، التي أقلت آل الخطابي إلى جزيرة لاريونيون كان بمعنى ما، مماثلا لإقلاع المغرب كله نحو مجاهل الحماية.
و لو زدنا في هذه المماثلة لقلنا إن الصرخة المدوية التي أطلقها مولود جديد على متن الباخرة في عرض البحر المقابل لجزيرة مدغشقر كانت، بمعنى ما، مماثلة للعويل المفجوع الذي رجعته حناجر الريفيين في وجه الزحف الاستعماري على أجدير.
تعززت السلالة الخطابية عام 1927 بازدياد مولود ذكر إذن. و يمكن اعتبار هذا المولود، بجميع الاستيهامات الممكنة في التأويل، انتقاما تاريخيا و نفسيا و سلاليا من فداحة الانكسار الذي منيت به العائلة و بداية رحلة المتاه و الرمز. و يبدو كما لو أن الوالد عبد السلام، عم عبد الكريم الخطابي و أحد القواد المنكسرين، أراد أن يبعث من نطفته شيئا لم يقدر السلاح على بعثه في المغاربة عندما حرضهم على الثورة.
و لما اختار لمولوده الجديد اسم عمر اختار للتاريخ الآتي سيرة مستوحاة من أوفياء النبوة و ظلالها الراشدية. و سيكون هذا الاختيار، على ما فيه من مفارقة، إيذانا بالاستمرارية، إذ من الحق أن نقول إن نفي آل الخطابي إلى جزيرة لاريونيون ولد في أجيال الزمن المغربي، بعد أحاسيس الأسى و الأسف، عهدا بالاستمرار المختلف.
و هذا هو السر الذي احتفظت به الثورة الريفية إلى يوم الناس هذا: أي أنها كانت ملحمة بطولية ذات بعد تراجيدي، و لكنها قوت من عزائم المناضلين في سبيل التحرير. و الذين ولدوا من صلب آل الخطابي في فترة مدلهمة من التاريخ امتزجت فيها المقاومة بالعنف بالتقتيل بالصمود بالأسى بالنفي بالحنين المحرق إلى الوطن بالعسف و الخسف... يدركون جيدا أن المقاومة تورث عاطفيا و أن فصيلة الدم الواحدة لها في الذوات الأخرى نفس الخصائص الحيوية.
مر محمد بن عبد الكريم الخطابي في معبره التاريخي المقاوم نو الشهادة بأرض تسمى أرض الكنانة. و لكن المرور أصبح مقاما، و أمسى المقام حركة. كانت الثورة الريفية عام 1948 قد استجمعت من حولها كثيرا من الرموز و المراجع، و هكذا أصبحت القاهرة قبلة للتحرر المغاربي المنشود، و مركزا لإدارة كثير من عملية الانعتاق.
و الأهم من ذلك أن عبد الكريم الخطابي صار علما من أعلام الوطن الصامدين في الاستماتة، و من حوله كان الجيل الآخر، الجيل الذي ولد على متن باخرة النفي القسري، يحقق وجوده في إطار مشروع تحرري تسمع له كثير من الأصداء في بقاع مختلفة من المعمور.
هنا سنجد عمر الخطابي، ذلك المولود الذي هربته أمه في بطنها من أجدير على متن باخرة النفي القسري، و قد استوى قامة و ثقافة و تطلعات. و السيرة الشخصية هنا صادقة: فبعد دراسته الأولية في جزيرة لاريونيون إلى جانب أترابه كجاك برجس المحامي الذائع الصيت و ريمون بار الاقتصادي و السياسي الفرنسي المعروف، سينتقل إلى أرض الكنانة على متن نفس باخرة النفي القسري عام 1947 و سيتم هذا الانتقال في ريعان الشباب و الفتوة و الانطلاق على مشارف الثلاثين ربيعا.
و سيتم هذا الانطلاق للتعبير عن مشروع مؤجل لاستمرار المقاومة من حيث تركت حصارها الأبدي على أيدي الغزاة و الطامعين في أجدير. و سيتم هذا الانتقال لكي لا ينتهي إلى اليوم و قد صار الفتى الطامح شيخا ( 73 سنة) لم تزده السنون إلا صلابة و إيمانا و رفعة ذوق و عزة نفس و سكينة حياة.
لكن مسار الانتقال لم يكن معبدا و لا كانت فيه الآلام خفيفة مما قد تحتمله النفس على مضض و لا عاديا أو مقبولا. يجب أن نتكلم عن المسار الشخصي لعمر الخطابي كما لو أنه مسار المقاومة الريفية نفسها من المهد إلى اللحد، أو من الثورة إلى النهاية، أو من الأمل المبجل إلى ديمومة التوق المنشده.
ذلك أن انتقاله إلى اقاهرة صحبة والده و الأسرة الخطابية كلها، و دراسته الجامعية فيها أولا ثم في لوزان و جنيف بين 1957 و 1960 ثانيا، و عودته إلى المغرب بعد الاستقلال، هذا إلى جانب أدواره إلى جانب عبد الكريم بعد التحاقه بمصر و معرفته العميقة بجميع الشخصيات و الوجوه، المصرية و غير المصرية قبل الثورة الناصرية و بعدها، التي كانت تتوافد على الزيارة، سيقوده حتما إلى معترك جديد، معترك المغرب المستقل الذي انفتح فيه المستقبل على الأمل المحجوز، و تحول فيه العمل السياسي إلى ضريبة، و انتقلت فيه جميع المعارك إلى التنافس المحموم على السلطة.
المغرب الذي كان يبدو منذ ثلاثينيات القرن الماضي وادعا في سيرورته النضالية واعدا بالدولة الوطنية المستقلة يحلم فيه المخلصون للنضال الشعبي بغد العدالة و يوم التنمية. سيعود عمر الخطابي إلى المغرب و عمره في مقتبل الشباب، و سينخرط تلقائيا في الخضم الواسع الذي انفتحت عليه المرحلة، أي من تناقض إلى آخر، و من معركة إلى أخرى، و من توجه إلى آخر، و من قمع إلى قمع. بدا للجميع أن البناء أمنية منشودة فإذا به، بعد الفورة الأولى، عقبة. لقد كشرت المصالح والأنانيات عن أنيابها، و ظهر للطامعين في الانفراد بجميع السلط الممكنة أن الجغرافية يمكن أن تحجز في قارورة عطر للتطيب بها عند الضرورة.
لقد استقوت السلطة بعد أن جردت جميع السلط الأخرى من أوهامها. و لذلك فإن جميع الحالمين قد أصيبوا بالإحباط الذي يصاب به الواهمون. و من المؤكد ان عمر الخطابي، هذا الحالم الواهم قد استقر، بعد ذلك، في القنيطرة لأنه لم يجد متسعا لأحلامه في الرباط.
و من المؤكد أيضا أنه أصيب في أحلامه، أي جاء إلى الانكسار الثاني من منفاه بعد أن لم يشهد فوضى الانكسار الأول إلا الحكايات المتواترة عن البطولات الفردية و الجماعية. أما الفرق الوحيد، في جميع الأحوال فهو أن الثورة الريفية المنكسرة التي ينتمي إليها من الناحيتين السلالية و النضالية، قاومت في عنفوان المجابهة، بينما أضحى النضال الديمقراطي يقاوم في مغرب الاستقلال في دائرتي العنف و المساومة.
لقد ولى الزمن الذي كان فيه الوقوف في وجه القوى الاستعمارية الغاشمة جهادا و واجبا لافتداء المغرب الدامي، فأضحى الوقوف في وجه السلطة الوطنية الظالمة المتجبرة حقا و تضحية لتغيير الأوضاع النازفة. و هكذا أضحى عمر الخطابي الذي قد تكون ساورته أوهام المشاركة الإيجابية في بناء الوطن المجيد في مرمى الرياح العاتية التي عصفت بأحلام الستينات. و مع أنه لم يتنم إلى أي حزب سياسي معروف، على كثرة ما تمنى عليه السياسيون الطامحون أن ينتمي إلى وجودهم النضالي، إلا أنه تعرض لمثل ما تعرض له العاملون في ميدان المشروعية الديمقراطية.
و لذلك وجد نفسه ذات ربيع ( مارس 1973) في عذاب " الطائرة" التي "حملت" جميع المعتقلين إلى حتفهم الخاص: فمنهم من أغرق في اليم البحري العاتي، و منهم من سقط في حمى المطاردة، و منهم من اقتلعت أسنانه و أسقي ماء الكريزيل، و منهم من أجلس على القناني الزجاجية غير المسكرة، و منهم من كسروا عموده الفقري، و منهم، بعد كل هذا و ذاك، من اعدم رميا بالرصاص الممزق للصدور. مغرب الظلمات كما يقال اليوم على كل لسان، أو مغرب من لم يكن يقوى في تلك الأيام، بحكم الخيانات و البطش و التواطؤ، على ذكر توتراته و مطامح أهله و ثغرات سياسته و تبذير أمواله و أشكال اغتناء نخبه إلا همسا.
و من المعروف فمن دار المقري إلى درب مولاي الشريف، و من أنفا إلى المركزي، مراد من تربص بعمر الخطابي أن يقع في التهميش المحتم الذي أريد للمرحلة حتى يستحوذ الناهبون على جميع الخيرات المتاحة اقتصاديا و سياسيا و رمزيا في الجغرافية المستباحة. عليك أن ترى عمر الخطابي في مشيته المتهادية. هل تظن من خيلاء أجوف؟.
إنك واهم و دونك تلك الحقيقة التي سار بذكرها العارفون. لقد فككوا عموده الفقري بحثا عن شيء اسمه المقاومة فوجدوا شيئا آخر أبلغ في الدلالة اسمه الشهامة. و يمكن أن نتكلم عن الانتقام الذي رافق جميع الاعتقالات التي صاحبت، ليل نهار، كثيرا من المعاندين.
غير أن الانتقام في حالة عمر الخطابي أريد به في الواقع، عنوة، إجباره على استنكار الأنفة و العزة الريفية. و من النادر أن تجد من يعرف أن وراء العزة الريفية أمجادا خطابية لا يمكن تجاهلها، ، لأن الثورة الريفية، كما يشهد بذلك الباحثون في مجرياتها، كشفت للمغاربة في بداية القرن العشرين أن طريق التحرر يمر عبر العزة الوطنية، و أن استخلاص العزة الوطنية من براثين الحماية يتطلب النهوض بالسلاح في وجه المحتلين.
هذا درس قد يكون وعاه عمر الخطابي و عمل به في جميع الحركات التي أتاها، و انت واجد في كفاحه من أجل الثورة الفلسطينية ذلك البعد التحرري الذي استقاه من المصادر الريفية السلالية، و هو الكفاح الفلسطيني، و هو الذي كان وراء تأسيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، و هو الذي قد يكون في أصل وعي النخب الوطنية و اليسارية بأن الثورة الفلسطينية هي مستقبل المغرب...و هكذا.
غير أننا في كل هذا يجب أن نتكلم عن عمر الخطابي كجراح...للمعضلات أيضا: يعرف الجسم و تعلاته معرفة من يحاول علاجه من أدوائه، يدخل إلى الجسم كقصية من خلال الفحص الذي يستقيم به التشخيص و لا يخرج منه إلا إذا وقع فيه على ما يهدد حياته. لقد درس الطب و تخصص فيه و لعله من القلة الجراحة الذين فهموا أن الذات المغربية تحتاج إلى علاج ثوري، و لكنه لم يجعل منه تجارة بل مداواة إنسانية، و عندما فتح عيادته في القنيطرة حولها إلى مزار يقصده كل طالب علاج لمشكلته. و لا يكون الطبيب إلا أنيقا أو لا يكون، لأن معالجة الذات تحتاج إلى أناقة لا تأتي من المهنة بل من الإنسانية المهذبة في الأعماق، بل تأتي من الثقافة الشاملة المتفتحة و المعرفة الواقعية المنقبة و الخلق الحسن و الذوق الموسيقي الرفيع فضلا عن الإيمان...أي إيمان ممكن ذاك الذي به تنشرح القلوب.
إن الذين ينقبون اليوم في ماضينا الحزين، بمنهج أو بغيره، ينسون، في الغالب، أن الثورات المنسحقة لم تخلف وراءها القتلى و الضحايا فقط بل طباعا في النفوس و وقائع حارة و ذكريات قد تنعش التوثب و مبادئ صارمة تتسامى على زمن الموت الذي يلازم الأحداث العابرة. أريد أن أقول إن الثورة الريفية لم تكن عابرة و إن عمر الخطابي و هو ربيب انكسارها قد غدا وارث رموزها الدافعة إلى الحياة

عمر الخطابي ...حمام الضمير

شكيب الخياري
" أرعبتهم حيا و ترعبهم ميتا..يا عمر" تقدم هذا الشعار مرفوعا على لافتة كبيرة المسيرة التي شيعت ظهر يوم الثلاثاء 08 غشت الماضي جثمان الفقيد المجاهد عمر ابن عبد السلام الخطابي إلى مثواه الأخير، شارك فيها إلى جانب عائلة الفقيد و رفاقه و أصدقائه، مختلف الفعاليات السياسية و النقابية و الجمعوية، جاءت من مختلف مناطق المغرب،إلى جانب وفود قدمت من سبتة و مليلية، تقديرا منها للتاريخ النضالي المشرف للفقيد.
بعد مرض عضال لم ينفع معه علاج سواء في داخل المغرب أو خارجه، توفي الفقيد يوم الأحد 6 غشت الماضي، عن سن تناهز 80 سنة، بعد أن دخل لمدة طويلة في غيبوبة..مرض لم ينفصل عن آثار التعذيب الفضيع الذي مورس عليه في السجن سنة 1973، على إثر اعتقاله على خلفية تدبيره للعملية الانقلابية ضد النظام الاستبدادي للحسن الثاني سنة 1972.
والفقيد عمر الخطابي يعد أحد أبرز الشخصيات الوطنية، و التي أغنت الساحة الوطنية منذ الخمسينيات بمجموعة من الأفكار و المواقف الشجاعة، و التي شكلت مرجعا لا محيد عنه عند الكثير من المناضلين المرموقين في الساحة الوطنية، و كمثال فإننا نجد أن الفقيد المناضل الكبير الفقيه البصري في إهدائه لنسخة من سيرته الذاتية للدكتور عمر الخطابي يصفه فيه بأستاذه الذي كلما خرج من عنده إلا و تعلم شيئا جديدا..واصفا إياه بحمام الضمير.
هذا و قد كانت للفقيد اليد الطولى في خدمة القضية الفلسطينة في البدايات و لذلك أسس معية شخصيات مغربية بارزة الجمعية المغربية لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني حيث شغل منصب نائب الرئيس، هذا و قد كان الفقيد يخصص نسبة مهمة من مداخيل عيادته الخاصة بالقنيطرة لدعم الثورة الفلسطينية، نهيك عن المساهمات الأخرى في إطار الجمعية.
إن الاهتمام بهذه القضية عند الخطابي لها جذور، فكثيرون هم الذين لا يعرفون أن يوم إعلان هيئة الأمم المتحدة عن قرار تقسيم فلسطين في 29 نونبر 1947، سارع عبد الرحمان عزام الأمين العام للجامعة العربية برفقته كبار الساسة بمصر إلى الأمير عبد الكريم الخطابي بعد إقامته في مصر طالبين منه توجيه نداء للأمة العربية و الإسلامية لأجل الدفاع عن فلسطين، نهيك عن كونه كان مكلفا بتجنيد أبناء شمال إفريقيا المتطوعين للجهاد في فلسطين.
إنجازات كثيرة حققها الدكتور عمر الخطابي طيلة مساره النضالي، لكن تكتمه على ما كان يفعل و عدم قبوله بأن يسوق الإعلاميون خصوصا صورته، جعل الكثيرين حتى من معارفه، لا يعرفون قيمته الحقيقية، و يجهلون دوره الخفي و البارز في رسم معالم المواجهة مع قوى الاستبداد في المغرب منذ الخمسينيات، و حتى قبل مجيئه للمغرب أول مرة.
عمر الخطابي ، هو نجل المجاهد عبد السلام الخطابي أحد مهندسي جمهورية الريف التي كان وزير ماليتها و عم الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، ولد أواخر صيف 1926 على ظهر الباخرة عبدة في عرض المحيط الهندي، و هي الباخرة التي أقلت العائلة الخطابية من المغرب في اتجاه المنفى حيث قضت فيه زهاء 21 سنة بجزيرة لاريونيون. ولادة عمر الخطابي وصفها الكاتب المغربي عبد القادر الشاوي بأنها كانت:" انتقاما تاريخيا و نفسيا و سلاليا من فداحة الانكسار الذي منيت به العائلة و بداية رحلة المتاه و الرمز.
و يبدو كما لو أن الوالد عبد السلام، عم عبد الكريم الخطابي و أحد القواد المنكسرين، أراد أن يبعث من نطفته شيئا لم يقدر السلاح على بعثه في المغاربة عندما حرضهم على الثورة. و لما اختار لمولوده الجديد اسم عمر اختار للتاريخ الآتي سيرة مستوحاة من أوفياء النبوة و ظلالها الراشدية. و سيكون هذا الاختيار، على ما فيه من مفارقة، إيذانا بالاستمرارية".
تابع عمر الخطابي دراسته الابتدائية و الثانوية بجزيرة لاريونيون، مع مجموعة ممن سيصبحون مستقبلا من بين أصحاب القرار في بلدانهم، و لعل أشهرهم الاقتصادي الكبير و رئيس الوزراء الأسبق الفرنسي ريمون بار، ثم بعد ذلك سينتقل إلى إحدى جامعات مصر ليدرس الطب قبل أن ينتقل إلى جامعة لوزان بسويسرا ثم إلى جنيف لمتابعة دراسته هناك ما بين 1957 و 1960 ليتخرج منها في أواخر الخمسينيات طبيبا جراحا.
كان محمد الخامس يعلم أن عمر الخطابي هو الوحيد من أبناء العائلة الخطابية الذي له ميولات سياسية و يعتمد عليه الأمير الخطابي في كثير من الأمور، و نظرا لذلك، قام سنة 1958 بدعوته لزيارة المغرب، و هو الطلب الذي لباه، حيث بقي هناك لفترة قاربت ثلاثة أشهر، إلتقاه خلالها ثلاث مرات..تلك المدة كانت بالنسبة لعمر الخطابي كافية لكي يقف على مجريات الأحداث المتسارعة بالمغرب، خصوصا و أنه في تلك الفترة تعرف على الكثير من القيادات السياسية المغربية و دخل معها في نقاشات حول واقع البلاد.
و قد كان في الواقع هدف محمد الخامس من هذه الزيارة هو التقريب بين العائلتين العلوية و الخطابية، في أفق تذويب الخلافات السياسية القائمة، على اعتبار أن الأمير عبد الكريم الخطابي قد كان حينئذ يمثل قطب المعارضة في شمال أفريقيا من مقر إقامته في قصر القبة بالقاهرة..و قد كان محمد الخامس لا يكل من أن يطلب من عمر في كل مرة أن يحاول إقناع الأمير الخطابي لأجل العودة إلى المغرب.
حالة المغرب في تلك السنة كانت تنبأ بحدوث اضطرابات كبرى في مختلف ربوعه خاصة في الريف، حيث اتصل مجموعة من أبناء الريف بعمر الخطابي لكي يقود و إياهم انتفاضة الريف ضد التهميش و الاحتقار الذي عانت منه المنطقة، لكنها افتقدت لإمكانيات النجاح حسب عمر الخطابي و أصبحت بالنسبة له أشبه بعملية انتحار تقودها مجموعة غير مسؤولة، و إصرار أصحابها لخوض غمارها بدون أية حسابات دقيقة دفعه لمغادرة المغرب سنة 1958 في اتجاه سويسرا ليكمل تخصصه في الطب..قبل أن يتبعه أسبوعا بعد ذلك رشيد الخطابي ابن امحمد الخطابي.
بعد ذلك و في مطلع الستينات، سيكون أول الملتحقين بالمغرب من بين أفراد العائلة الخطابية حيث سيعين طبيبا في مستشفى ابن سينا ثم في مستشفى بالقنيطرة، قبل أن يفتح عيادته الخاصة في ملتقى موريتانيا بالقنيطرة و التي تضم مقر سكناه، هذه العيادة ستتحول فيما بعد و بقوة الأشياء إلى مدرسة كبرى للوعي الوطني و من هناك ستنطلق الأفكار الخطابية لتنتشر و بقوة في مختلف ربوع الوطن، إيذانا بعودتها لتقود المغاربة مجددا نحو التحرر من قيود الاستعمار و الاستبداد و القهر.
لقد تمثل نبل مهنة الطب جليا في عمل الدكتور الخطابي، فهو لم يقتصر على علاج مرضاه بالعيادة فقط، أو بمقابل، فقد كان منذ أيامه الأولى بالمغرب يتنقل بين سجون النظام لمداواة المعتقلين السياسيين و كان يشتري لهم الدواء و الملابس و الطعام من ماله، و يقوم بمساعدتهم في حل البعض من مشاكلهم، و كان يعالج مرضاه من ذوي الحاجة بدون أي مقابل مادي..بل كان يمنح للبعض منهم الدواء و المال ليتمكنوا من متابعة علاجهم ضدا على واقعهم المزري.
بفعل كل هذا، تبين للدكتور الخطابي أن النظام المغربي ما زالت بنيته لم تتغير، نظام باع الوطن للمستعمر في الماضي و استمر في ذلك في الحاضر، نظام سجن و عذب مجاهدي الأمس من قيادات و جنود المقاومة و جيش التحرير و أحرار هذا الوطن، نظام نهب ثروات الشعب و وزعها على عملاء الأمس و الحاضر.
و لهذا وجدنا الدكتور الخطابي يكتب رسالة للحسن الثاني، حين فرضت ضرائب خيالية على مصحته لكي يضطر لإقفالها، قائلا له:" لو علمت أن هذه الضرائب سيستفيد منها الشعب المغربي فإني سأدفعها فورا، لكن و للأسف فإني متأكد من أنها سوف لن تذهب إليه" مضيفا "إني أرى المغرب كسفينة تسير في الضباب و قد تخرب مقودها"..كان النظام يعلم دور مصحة الخطابي في مداواة النفوس كما تداوي الجسد، و علم كيف أن الخطابي ليس فقط جراحا لمرضى عيادته و لكنه كذلك جراح ماهر لمشاكل البلد، و لهذا أراد أن يقفل تلك المصحة لكي يضطره لبيع كل شيء ليغرقه فيما بعد في مشاكل شخصية..لكن القدر أراد غير ذلك.
في أواخر الستينيات، تعرف الدكتور عمر الخطابي على أمقران بعد أن جاء لعيادته مرافقا لزوجة كويرة التي كانت حاملا..أياما بعد ذلك جاءه أمقران مرافقا بأخته و فيما بعد بأولاده لمعالجتهم، و هكذا توطدت العلاقة بينه و بين أمقران..لكن الجلسات بين الشخصين لم تكن لتمر بدون الحديث عن الوضع بالبلد خصوصا و أن أمقران انجذب بقوة لخطاب الدكتور عمر الذي لم يعهد مثله من قبل، و هناك بدأ أمقران يروي له كل ما يحدث في الجيش من سخط عارم و فساد مستشر ينخر جسد الجيش و الوطن.
حينها أعطى الخطابي الحل لأمقران، متمثلا في اجتثاث هذا النظام من جذوره و تعويضه بنظام ديمقراطي ينبني على إرادة الشعب..لم يكن من أمقران إلا أن يتبنى الفكرة و يعمل على نشرها في أوساط رفاقه في الجيش، إلى أن إطلع أمقران و كويرة على نوايا أوفقير فطلبا على إثر ذلك من الدكتور الخطابي بأن يجلس معه ليرتبا معا الموضوع، مؤكدين له على أنه قاد ندم على ما فعل و قد أعلن توبته، وهو ما رفضه الدكتور الخطابي على اعتبار أن أوفقير شارك و بوحشية في قتل الريفيين أثناء قمع النظام لهم سنة 1959، و بأنه يجر وراءه تاريخا مثقلا بالجرائم في حق أبناء الوطن.
و من ثم بقي كل يعمل على جبهته، إلى أن جاء يوم الضربة الجوية في 16 غشت 1972..و في ذلك اليوم قدر على المحاولة أن تفشل..و هناك بدأت الاعتقالات تطال صفوف المدبرين و المشاركين و حتى من ليس لهم أية علاقة بالموضوع، لكن الدكتور الخطابي بقي في منأى عن ذلك إلى أن جاءه ذات يوم أحد ليخبره بأن أمقران و كويرة قد تم نقلهما إلى دار المقري رغم صدور حكم الإعدام في حقها و بأنهما قد اعترافا بأنه - أي الخطابي - هو من قام بتدبير هذا الانقلاب.
رغم هذا التحذير، بقي عمر الخطابي في بيته منتظرا أن يتم اعتقاله في أية لحظة، إلى أن دقت الساعة و اقتيد معصوب العينين إلى مخالب النظام، بعدها مر عبر عدة مراحل تعذيبية حضر بعض حصصها الحسن الثاني شخصيا، منقولا بين دار المقري و درب مولاي الشريف..و في إحدى الحصص جاءه جلاد و أعطاه مسدسا فيه رصاصة واحدة محاولا أن يذله، لكن عمر الخطابي لم يتردد في الإمساك بذلك المسدس ليضغط و بدون أي تردد على الزناد..لكن الرصاصة لم تخرج..لقد كان يرغب في وضع حد لحياته و ذلك لسبب وحيد..و هو خوفه من أن يعترف تحت ضغط التعذيب المفرط بأسماء وازنة في الجيش شاركتهم في الإنقلاب منهم من أحيل مؤخرا على التقاعد و منهم من ما يزال يتقلد منصب المسؤولية إلى حدود الآن.
في إحدى الحصص التعذيبية علق الخطابي لمدة 22 يوما إلى أن سقط على ظهره مما أدى إلى إصابته بكسور خطيرة على مستوى العمود الفقري رافقته آثارها طيلة عمره، حيث تسببت له في إعاقة نسبية..و قد عذبه كذلك الدليمي شخصيا باستعمال الكهرباء على مستوى الخصيتين و في كل مرة يقول له:"تريدونها جمهورية ريفية صغيرة"..مؤكدا بذلك لعمر أكثر من أي وقت مضى على أن شبح جمهورية الريف ما يزال يقض مضجع النظام.
كان عمر الخطابي و منذ ريعان شبابه و هو يتغنى دوما بنشيد الجمهورية الريفية الذي سكن وجدانه، متذكرا به انتصارات الريفيين عبر خمس سنوات من الحرب الضروس..و في معتقله و رغم العذاب القاسي و غير المحتمل الذي كان يكابده، كان كلما انزوى في زنزانته إلا و أخذ يرفع صوته بهذا النشيد الحماسي، معلنا بذلك انتماءه لتاريخ الكرامة و العزة، منشدا:
في ثنايا العجــاجْ والتحامِ السيوفْ
بينما الجــــوُّ داجْ والمنايا تطـــوف
يتهادى نســـــيمْ فيه أزكى سـلامْ
نحو عبد الكريم الأميرِ الهمــــام
ريفُنا كالعرين نحن فيه الأسودْ
ريفُنا نحميه
كلُّنا يُعـجبُ بفتى المغــــربِ
كلُّنــا يُطَْـــرَبُ لانتصار الأبـــي
أين جيــشُ العِدا إن دعا للجهــادْ؟
أصبحوا أعـــبُدا بالسيوف الحِداد
ريفُنا كالعرين نحن فيه الأسودْ
ريفُنا نحميه
طالمــا استـعبــدوا وأذلّـوا الرقـــــابْ
أيهـــــــــا الأيِّدُ جاء يـومُ الحــساب
فليذوقوا الـزُّعـافْ بالظُّبـــــا والأَسَلْ
ولْنُعَلِّ الهتـــافْ للأمـــير البـطـــل
ريفُنا كالعرين نحن فيه الأسودْ
ريفُنا نحميه
كان حكم الإعدام في انتظار الدكتور عمر الخطابي، و بفضل تدخل الملك فيصل و الرئيس ياسر عرفات تم تحويله لحكم البراءة..بعد أن شفع له عمله و عمل العائلة الخطابية في مصر لأجل القضية الفلسطينية.
و هو في المعتقل ربطته علاقة كبيرة بمجموعة عمر دهكون، و لذلك عندما خرج من السجن، و بعد انقضاء الإقامة الإجبارية التي فرضت عليه في منزله لأزيد من سنة، قرر تأسيس جمعية حقوقية لأجل الدفاع عن هذه المجموعة، لكن و لظروف طارئة، فضل الدكتور الخطابي أن يتصل بمجموعة من أصدقائه و منهم محاميه الأستاذ بنعمرو ليطلب منهم تأسيس هذه الجمعية..لكن شاءت الأقدار أن لا تتأسس إلى غاية 1979، و بدون الدكتور عمر الخطابي و بدون حتى أن تحقق الهدف الذي أحدث لأجله الفكرة..و هي التي سميت بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
بعد ذلك، و بالضبط سنة 1993 اقترح الدكتور عمر الخطابي على سعيد الخطابي نجل الأمير عبد الكريم الخطابي، في لقاء جمعهما بمصر، تأسيس جمعية للعناية بتاريخ منطقة الريف، و عاود له الطلب مرارا و تكرارا، لكن سعيد لم يبدي أي استعداد لذلك، و هو الأمر الذي دفع بعمر الخطابي إلى أن يقوم سنة 1996 بمعية مجموعة من أصدقائه و معارفه بتأسيس مؤسسة الأمير عبد الكريم الخطابي للدراسات و الأبحاث و التوثيق..لكنها وكما كان منتظرا تم منعها.
و مباشرة بعد ذلك قام المنصوري بنعلي المكلف بمهمة في الديوان الملكي بدعوة سعيد الخطابي من القاهرة و قام رفقته بتأسيس مؤسسة عبد الكريم الخطابي لقطع الطريق على الدكتور عمر الخطابي..فالنظام تخوف من أن يؤسس الدكتور الخطابي مؤسسة حول عبد الكريم في قلب الريف، و بالضبط أجدير عاصمة جمهورية الريف، و معية شخص لطالما حلم و إياه بنسف هذا النظام ألا و هو الفقيد الفقيه محمد البصري.
و رغم المنع و ما واكبه من التفاف لكافة الجماهير بمنطقة الريف خصوصا بعمر الخطابي بقيت المؤسسة ممنوعة..لكنه و رغما عن هذا المنع التحكمي أخذ يعقد اللقاءات في مقر سكناه في أجدير حيث تحج إليه كافة الفعاليات بالمنطقة من مختلف التوجهات و التيارات، حزبية و نقابية و جمعوية، و هناك أخذ يغرس بذرة الثورة الريفية في أفئدة أحفاد مجاهديها.. كثيرة جدا هي تفاصيل مشوار حياة الفقيد و غنية كذلك في الآن نفسه..غنية بالبطولات..و بالشجاعة.. و بالعزة..و بالأخلاق..و بالإيمان..و لا يمكن أن تحصل أبدا قراءة تاريخ المغرب بدون الخوص في أغوارها و إكتشاف مكنوناتها.. و رغم وفاة الفقيد جسدا، إلى أن روحه الطاهرة ما تزال تطوف فوق سماء الريف مضيئة للأجيال الجديدة السبل نحو العزة و الكرامة، و مشروع مؤسسة الأمير عبد الكريم الخطابي للدراسات و الأبحاث و التوثيق الذي أريد إقباره ما يزال مستمرا و لن توقفه أي عقبات أو عثرات..و كأن عمرا ما يزال حيا..

تقرير حول حملة معتقلي الثلاثاء 21 نوفمبر 2006 بمارتشيكا

جمعية الريف لحقوق الإنسان الناظور في: 4 يناير 2006


بتاريخ 21 نوفمبر2006 و على إثر الحملة التي باشرتها السلطات الأمنية بالناظور في إطار محاربة تهريب المخدرات من خلال بحيرة بحيرة مارتشيكا، تم اعتقال ستة أشخاص تمت تسميتهم منذ الوهلة الأولى بـ "مهربين دوليين للمخدرات" كما أوردتها حتى إحدى قصاصات وكالة المغرب العربي للأنباء.أ
و بعد البحث الميداني و التحري الدقيقين من طرف الجمعية في أوساط الحي الذي يقطنه هؤلاء المعتقلون، من خلال إفادات الساكنة و من ضمنهم عائلات المعتقلين و مسؤولي جمعية " مارتشيكا للصيد التقليدي و البيئة و التنمية"، قمنا بصياغة التقرير التالي حول ظروف و ملابسات الاعتقال.أ

المعلومات الشخصية للمعتقلين:أ

الاسم الشخصي: ميمون
الاسم العائلي:اللبوع
تاريخ و مكان الازدياد:06/04/1956 بني أنصار
الحالة العائلية:متزوج
عدد الأبناء:6 عاطلون عن العمل
السوابق العدلية: لا شيء
المهنة: بحار، يمتلك قاربان للصيد التقليدي، إضافة إلى ذلك يقوم بخياطة شباك الصيد للبحارة الآخرين طمعا في مدخول إضافي، و عندما يتعطل أحد محركات قارباه يظطر للاقتراض من أجل إصلاحه.أ
************
الاسم الشخصي: عمر
الاسم العائلي:شباب
تاريخ و مكان الازدياد:21/11/1968 الناظور
الحالة العائلية:متزوج
عدد الأبناء:3 صغار
السوابق العدلية:لا شيء
المهنة: مساعد ميمون اللبوع
************
الاسم الشخصي: الحسين
الاسم العائلي:وادا
تاريخ و مكان الازدياد:14/01/1965 الناظور
الحالة العائلية:متزوج
عدد الأبناء:2 صغار
السوابق العدلية: لا شيء
المهنة: مساعد ميمون اللبوع
************
الاسم الشخصي: ميلود
الاسم العائلي: أعراب
تاريخ و مكان الازدياد:17/08/1961 الناظور
الحالة العائلية:متزوج
عدد الأبناء:4 عاطلون عن العمل
السوابق العدلية:لا شيء
المهنة: مساعد ميمون اللبوع
************
الاسم الشخصي: محمد
الاسم العائلي:أعدني
تاريخ و مكان الازدياد:12/07/1987 الناظور
الحالة العائلية:عازب
السوابق العدلية:لا شيء
المهنة: مساعد تاجر بإحدى البازارات بالناظور
************
الاسم الشخصي: نور الدين
الاسم العائلي:الكلولي
تاريخ و مكان الازدياد:18/11/1966 الناظور
الحالة العائلية:متزوج
عدد الأبناء:3
السوابق العدلية: اعتقل بتاريخ 23/11/2006 و خرج منذ شهرين،بعد أن حكم بسبب عدم قدرته أداء ما قيمته 6000 درهما نفقة طليقته و أبنائه
المهنة: بائع متجول للبيض

ملابسات الاعتقال:أ

قرابة الساعة السادسة و النصف من يوم الثلاثاء 21 نوفمبر الماضي، خرج حسين وادا من منزله بحي ترقاع في اتجاه بحيرة مارتشيكا للعمل حيث يشتغل كمساعد لميمون اللبوع، و هناك وجد عناصر السلطات الأمنية و قد حجزت الزورق الخشبي الخاص بميمون اللبوع، محملا بالأطنان من مخدر الشيرا حيث كاد يغرق من ثقل الحمولة التي على متنه.أ
مباشرة، عاد حسين وادا أدراجه ليخبر ميمون اللبوع بما حصل، هذا الأخير انطلق في تلك الأثناء و بسرعة إلى عين المكان و قدم نفسه لعناصر الأمن على اعتباره صاحب الزورق الخشبي المحجوز، مستفسرا حول ما حدث.. و هناك طلبوا منه إحضار الوثائق التي تثبت ملكيته للقارب على أن يتم بإخلاء سبيله بمجرد إنجاز محضر حول الموضوع، آنذاك توجه صوب منزله و بمفرده ليأتي بالوثائق المطلوبة..لكنه و بعد إنجاز المحضر بقي رهن الاعتقال.أ
بعد يومين من ذلك، جاء عناصر من الأمن و معهم ميمون اللبوع إلى حي ترقاع، ليقتادوا معهم حسين وادا و عمر شباب، لكنهم لم يجدوا ميلود أعراب فأوصوا أسرته بإخباره بضرورة الالتحاق بهم إلى مقر الشرطة القضائية لأخذ أقوالهم كشهود فقط..و هو ما قام به بمجرد عودته للمنزل.أ
و منذ تلك الفترة مازال الجميع رهن الاعتقال

تحركات عائلة المعتقلين:أ

قامت عائلات المعتقلين بمجموعة من الخطوات بتنسيق مع الجمعية و جمعية مارتشيكا للصيد التقليدي و البيئة و التنمية، حيث أقدموا على جمع ما يقارب 200 توقيع لساكنة الحي، يشهدون فيه أن المعتقلين لا علاقة لهم بتجارة المخدرات موضحين الوضع المادي المزري الذي يعيشون فيه.أ
كما قامت جمعية مارتشيكا للصيد التقليدي و البيئة و التنمية بمراسلة كل من الديوان الملكي و ديوان المظالم حول الموضوع مرفقة بالتوقيعات.أ
و في محاولة منهم للفت الانتباه لقضيتهم، حاولوا تنظيم وقفة احتجاجية بتاريخ 21 دجنبر المنصرم، لكن السلطات المحلية قامت بمنعها.أ

توصيات:أ

على إثر الحملة التي شهدتها بحيرة مارتشيكا أول مرة، لم يتم و لحدود الآن اعتقال أي من بارونات المخدرات..الذين تمت مساعدتهم لأجل الهروب من الإقليم في اتجاه مليلية، فيما تم اعتقال ستة من المواطنين يعيشون في وضع مادي مزري عايناه في الجمعية ميدانيا..و من ثمة فإننا نوصي بما يلي:
أ- إجراء التحقيقات المرتبطة بملف الاتجار بالمخدرات من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، و بشكل استعجالي و نزيه في ملف المعتفلين الستة، مع الأخذ بعين الاعتبار شهادات الساكنة المجاورة لهم
ب - فتح تحقيق جدي حول الشكايات المقدمة من طرف مواطنين، ضد الشرطة القضائية بالناظور التي فقدت مصداقيتها
ت- فتح تحقيق جدي حول تورط أمنيين في التهريب الدولي للمخدرات خاصة عبر مارتشيكا، مع التحقيق في مصادر أملاكهم

تقرير جمعية الريف لحقوق الإنسان حول تهريب المخدرات عبر مارتشيكا

تابع الرأي العام الوطني و الدولي باهتمام كبير الحملة الأمنية التي شهدتها مؤخرا كل من ولايتي تطوان و طنجة، على بارونات المخدرات و المسؤولين الأمنيين الذين يدورون في فلكهم، و الذي عرف بملف " الشريف بن الويدان و مجموعته "، هذا الملف الذي أسقط إثر التحقيقات المنجزة حوله أسماء مسؤولين ساميين في الدولة أبرزها مدير أمن القصور الملكية.أ
و نحن في جمعية الريف لحقوق الإنسان، و إثر متابعتنا لحيثيات ملف " الشريف بن الويدان و مجموعته "، تفأجانا لاقتصار هذه الحملات الأمنية على بارونات المخدرات بالشمال على محوري طنجة و تطوان و استثناء محاور أخرى و بالأخص محور الناظور. علما أن إقليم الناظور يعد أحد أهم قواعد ترويج و تهريب المخدرات نحو أوروبا، على عكس ما تم الترويج له طيلة عقود من الزمن، من أن الأمر يقتصر فقط على جهة الشمال الغربي.أ
و لذا قررنا في مكتب الجمعية حيال الصمت المطبق حول التهريب الدولي للمخدرات بإقليم الناظور أن نراسل الملك لإحطاته علما بما يجري و من ضمنه التورط المكشوف للسلطات الأمنية الإقليمية و الجهوية، خاصة و أن تهريب المخدرات بإقليم الناظور يتم بشكل علني أمام مرأى الجميع و في واضحة النهار و باستخدام زوارق مطاطية كبيرة متعددة المحركات.أ
و قد قمنا في إطار إشتغالنا على الملف، بجمع معلومات ميدانية دقيقة حول عمليات التهريب هذه و ذلك اعتمادا على تصريحات لمجموعة من الأفراد سواء الذين كانوا يشتغلون أو لا يزالون في ميدان التهريب الدولي للمخدرات من ضمنهم حراس الزوارق المطاطية و بعض الملكفون بإمدادها بالبنزين، نجملها فيما يلي:أ

بحيرة مارتشيكا ميناء للمخدرات

تعد بحيرة مارتشيكا أكبر بحيرة مطلة على البحر الأبيض المتوسط، ذات شكل نصف دائري، يبلغ محيطها تقريبا 25 كلم، و تبلغ مساحتها تقريبا 115كلم2، يصل عمقها ما بين 0.5 متر و 7 أمتار، .و لها ممر وحيد على البحر يسمى "ممر بوقانا "، يبلغ عرضه 80 مترا تقريبا . و تتواجد هذه البحيرة ضمن النفوذ الترابي لإقليم الناظور موزعة على كل من، بلدية الناظور، بلدية بني أنصار، جماعة بوعرك، جماعة قرية أركمان. و يتواجد على طول محيطها كل من، مقر عمالة إقليم الناظور، الدائرة الثانية للشرطة، مخفر القوات المساعدة بمنطقة المهندس التابعة لجماعة قرية أركمان، و مخفر القوات المساعدة ، كما يتواجد هناك حتى عناصر من الأمن الوطني بزي مدني في المنطقة التابعة لنفوذ بلدية بني أنصار.
أ
و تعتبر هذه البحيرة القاعدة الرئيسية لانطلاق و شحن الزوارق بالمخدرات و تتواجد بها خمس محطات أساسية و هي:أ
أ- منطقة "أطاليون": المحاذية للمقر السابق لشركة تربية الأسماك "ماروست" ، و كان يتواجد فيها سابقا على الأكثر 30 زورقا، أما قبيل الحملة فقد كان فيها 6 زوارق
ب- المنطقة المسماة "الجزيرة": وصل عدد الزوارق فيها سابقا إلى حوالي 200 زورق موزعة على مجموعات متفرقة، تضم كل مجموعة ما بين 20 و 30 زورقا. أما قبيل الحملة فكان فيها 37 زورقا

ت- منطقة "بوعارك": وصل عدد الزوارق فيها سابقا إلى 30 زورقا، و قبيل الحملة كان بها 112 زورقا
ث- منطقة "بوعرورو" : و بالضبط في الجزء المسمى "الملاح" كان يتواجد بها ما يترواح بين 10 و 20 زورقا، و قد تم إلغائها فيما بعد
ج - منطقة بوقانا : و التي كانت تتواجد فيها بضع زوارق في الجهة المتواجدة داخل البحيرة، أصبحت الآن قبيل الحملة فكان بها 8 زوارق خارج البحيرة

و تأتي شحنات المخدرات التي تخرج عبر هذه البحيرة من منطقة كتامة التابعة لإقليم الحسيمة حيث يتم نقل الأطنان منها بواسطة سيارات بدون وثائق في اتجاه مجموعة من المناطق بإقليم الناظور ، مثل تمسمان و بن طيب و آيت سعيد و العروي و نواحي أزغنغان و بوعرك، و بني شيكر، و ماريواري، و مناطق أخرى غيرها، و ثمن نقلها يترواح ما بين 120 و 150 درهما عن الكيلوغرام الواحد، ثم يتم شحنها بعد ذلك إلى البحيرة لتوضع على متن الزوارق، حيث يحمل كل زورق ما بين طن واحد و خمسة أطنان، و ذلك حسب طوله الذي يتراوح ما بين 12 مترا و 16 مترا، حيث يزود بأربعة محركات إلى خمسة محركات من فئة 250 حصان للمحرك الواحد، و يستهلك ما بين طن واحد من البنزين و ثلاثة أطنان ذهابا و إيابا.أ
و في إطار هذه العملية فإن ربان الزورق يتقاضى عن عمله مبلغا يصل في أغلب الأحيان إلى 350 ألف درهما نظير إيصاله للزورق إلى التراب الأوروبي و عودته به، و يتقاضى مساعده مبلغا يصل في بعض الأحيان إلى 100 ألف درهما، فيما يتقاضى الشخصان المكلفان بملء الخزان بالبنزين أثناء الطريق مبلغا يتراوح في أحيان ما بين 50 و 60 ألف درهما للواحد، فيما يدفع مبلغ يتراوح ما بين 50 و 100 مليون سنتيم عن الزورق الواحد لمختلف عناصر السلطات الأمنية المشاركة في العملية لضمان خروج الزورق من البحيرة.أ
و تستغرق رحلة الزورق ما بين 5 ساعات إلى غاية يومين، حسب الجهة المقصودة، كما أن الزوارق تتجه للتوقف لمدة ساعتين في عرض البحر قبالة الشواطئ الجزائرية، و ذلك قبل أن تستأنف سيرها في اتجاه اسبانيا، حيث تنتظر حلول الليل لكي لا تلتقطها الردارات الإسبانية.أ
و للإشارة فإن مصاريف عملية التهريب تعد هزيلة جدا مقارنة مع الأرباح التي يتم جنيها منها، حيث أن الكيلوغرام الواحد من الحشيش يباع في الضفة الأخرى بمبلغ 10 ألف درهما بالنسبة للنوع العادي و 50 ألف درهما بالنسبة للنوع الجيد.أ

الموقف من الحملة

شهدت مجموعة من المناطق ببحيرة مارتشيكا، ليلة الاثنين – الثلاثاء 21 نونبر، " حملة " أمنية تم خلالها حجز ما يقارب 24 زورقا مطاطيا متعدد المحركات، التي تقوم بنقل المخدرات من البحيرة إلى التراب الأوربي، و حجز 10 أطنان من مخدر الشيرا و كميات مهمة من البنزين ، و تم على إثر ذلك اعتقال خمسة أشخاص كانوا متواجدين بالبحيرة سموا بـ " المهربين " من بينهم قاصر، أغلبهم حراس للزوارق.أ
و نحن في جمعية الريف لحقوق الإنسان، تأسيسا على ما لدينا من معلومات، فإننا نرى أن هذه الحملة ما هي إلا ذر للرماد في العيون، و محاولة تضليلية للرأي العام، تتحمل مسؤوليتها مختلف الأجهزة الأمنية بالإقليم و الجهة.أ
فمن غير المقبول بالنسبة لنا أن يطالعنا المسؤولون بخبر احتجاز ذلك العدد الهزيل من الزوارق في الوقت الذي كان في البحيرة طيلة الأسبوع الذي سبق هذه الحملة ما لايقل عن 163 زورقا مطاطيا بعضها محمل بالأطنان من المخدرات في حالة تأهب للإقلاع إلى الضفة الأخرى، إضافة إلى أن الزوارق المحتجزة لم يوجد على متنها أي شخص، على غير العادة، حيث يتواجد باستمرار حارس على الأقل على ظهر الزورق و هو فوق مياه البحيرة، كما اختفت من المدينة العديد من الوجوه التي ارتبطت أسمائها بتجارة المخدرات ساعات قليلة قبل بدء الحملة، مما يؤكد فرضية الاتفاق المسبق بين بعض العناصر الأمنية و بارونات المخدرات قبل الحملة الأمنية والتي تجعل من الصغار ضريبة لتضليل الرأي العام في حين يؤمن الطريق لبارونات المخدرات ليجوبوا الإقليم وأكثر الوطن كما يشاؤون .أ
هذا و قد انتقلنا يوم الأربعاء 23 نونبر، إلى ناحية منطقة بوعارك فرأينا عددا كبيرا من الزوارق المطاطية راسية بالبحيرة كأن شيئا لم يحدث، و قد أكد لنا شهود عيان على أن عمليات التهريب استمرت بعد الحملة مباشرة و ذلك يوم الثلاثاء، حيث ما تزال مستمرة بشكل عادي.أ

توصيات

و من ثمة فإننا في جمعية الريف لحقوق الإنسان نوصي بما يلي:أ

أ- التحقيق مع المعتقلين إثر هذه الحملة من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لتورط عدد كبير من عناصر مختلف الأجهزة الأمنية بالإقليم و الجهة في التهريب الدولي للمخدرات، خاصة عبر مارتشيكا
ب - فتح تحقيق جدي حول التهريب الدولي للمخدرات بإقليم الناظور،الذي استمر لغاية دقائق معدودة من الحملة الأمنية ليلة الاثنين- الثلاثاء 21 نونبر
ت - فتح تحقيق حول مصادر أموال و أملاك مختلف العناصر الأمنية بالإقليم و الجهة، سواء الحالية أو السابقة، و التي بدت عليها مظاهر الثراء الفاحش بعد مجيئها للناظور
ث- جعل حملة محاربة بارونات المخدرات قطيعة مع الماضي، لا بصيغة الحملات السابقة نموذج حملة 1996 وما نتج عنها
ح - المنظمات الحقوقية والمدنية والسياسية محليا و جهويا ووطنيا ودوليا لخوض لحملة منظمة لمواجهة ما يحدث في حق المنطقة عامة و الإقليم خاصة، من التضليل و التواطؤ المكشوف للسلطات الأمنية

رسالة إلى الملك حول تهريب المخدرات بالناظور

جمعية الريف لحقوق الإنسان الناظور في 09/10/2006


إلـى جــلالــة الــمــلــك

تحية تقدير و احترام بما يليق بمقامكم
يشرفنا في "جمعية الريف لحقوق الإنسان" أن نكتب لجلالتكم عن أحد أكثر الأوضاع كارثية بإحدى مناطق ريفنا العزيز، ألا و هي منطقة إقليم الناظور، و ذلك بعد أن فقدنا الأمل بشكل كلي في تدخل السلطات الأمنية على المستوى المحلي لحل المشاكل التي تتخبط فيها المنطقة، عبر سنين عديدة...آملين في جلالتكم أن تضعوا الحد و الحل لهذا النزيف.
أ
جــلالــة الــمــلــك

من المؤكد أن حملات المتابعات الأخيرة التي قامت بها السلطات الأمنية في إطار محاربة تجارة المخدرات بكل من ولايتي تطوان و طنجة، و التي مست العديد من رجال السلطة من مختلف المستويات حتى العليا منها، ليعد تأكيدا واضحا لما نبهت إليه العديد من الهيئات المدنية و السياسية بالمنطقة منذ آماد بعيدة، من خطورة توغل شبكات تجارة المخدرات في صفوف الأجهزة الأمنية، التي أضحت مجموعة كبيرة من عناصرها تمثل الضمانة الأساسية لتهريب هذه السموم عبر مختلف أرجاء الوطن و إلى خارج ترابه.أ
و لهذا السبب عرف استهلاك المخدرات القوية أوجه خلال السنوات الأخيرة في إقليم الناظور، لدرجة أنها أصبحت تسوق في كثير من محلات بيع المواد الغذائية و المخادع الهاتفية و إحدى المراقص الليلية التابعة لأحد الفنادق القريبة من مقر عمالة إقليم الناظور، بحماية أمنية ثابتة و مكشوفة و من طرف عناصر أمنية معلومة..أدت في نهاية المطاف إلى أن تنتشر هذه المادة السامة القوية في صفوف المراهقين من الفتيان و الفتيات بشكل لم نعهده من قبل في منطقتنا، خاصة في أوقات الدراسة، مما قد يتسبب في المدى القريب أو المتوسط في إحداث كارثة خطيرة سوف لن تحمد عقباها..ستجرف معها بالتالي ثقة المواطنين في السلطات الأمنية إلى هاوية لا قرار لها.أ
لقد زاد من استفحال هذه الظاهرة و استعصاء حلها، تمكن هذه الشبكات الإجرامية من النجاح في التوغل داخل مراكز القرار السياسي ببلادنا، و ذلك عبر ولوجها قبة البرلمان بغرفتيه، بتزكية من جل الأحزاب الوطنية التي ساهمت - أي شبكات تجارة المخدرات - في تأسيس فروعها بماليتها على المستوى المحلي، ليصبح بذلك مصير مواطني المنطقة في قبضة تجار المخدرات، ليزداد الطين بلة بتحول الحصانة البرلمانية من وسيلة للدفاع عن حرية البرلماني في التعبير عن هموم و انشغالات المواطنين إلى وسيلة من وسائل قتلهم عبر الاتجار في المخدرات بمختلف أصنافها و على رأسها المخدرات القوية. لقد وصل الحد إلى أن أصبحت هذه السموم القاتلة تروج و بشكل كبير حتى داخل المؤسسة السجنية بالناظور، و ذلك تحت نظر و مسمع الجميع، من مساجين و زوار و مسؤولين، نهيك عن شروط الراحة الخاصة التي توفرها إدارة السجن لبارونات المخدرات و أتباعهم، إضافة إلى أن العديد من صفقاتهم الخبيثة تتم من هناك في ظل توفر الشروط الكاملة لهم بتواطؤ بائن مع المسؤولين. إن دعم عناصر نافذة من السلطات الأمنية على المستوى الإقليمي و الجهوي لبارونات المخدرات بمنطقتنا و توفير الحماية لهم قد دفع بهم إلى تجاوز كافة حدودهم، القانونية و الأخلاقية، فأضحوا لا يكترثون بالقوانين المعمول بها و لا يهابون عقابا من أية جهة كانت، و من ذلك، أخذوا ينهبون بكميات خيالية رمال الشواطئ ليبنوا بها مركباتهم السياحية و فيلاتهم الفارهة بدون تراخيص من الإدارات المختصة، فيما يهربون جزءا كبيرا منها إلى مدينة مليلية، كما أخذوا ينهبون أراضي المساكين و يخربون الهكتارات المتعددة من الغابات ليستولوا على قطع أرضية إضافية لمشاريعهم، محاولين بذلك تبييض أموالهم، التي تحصلوا عليها على حساب أرواح شباب المنطقة التي تذهب ظلما و هدرا.
أ
جــلالــة الــمــلــك

إن تجارة المخدرات و تهريبها بإقليم الناظور تختلف بشكل كبير عن مثيلاتها في باقي مناطق الشمال، فإذا كان الأصل فيها أنها ذات طابع سري، فإن وضعها القائم في إقليم الناظور على العكس من ذلك تماما، حيث أنها تتم أمام أنظار الناس عامة و في واضحة النهار، و بأشكال مثيرة للناظرين و مستفزة للنفوس . في مدينة الناظور توجد قبالة مقر العمالة و المقر السابق للقنصلية الإسبانية، على بعد أمتار قليلة، بحيرة تسمى "مارتشيكا"، و هي التي تشكل إحدى أبرز قواعد إنطلاق الزوارق المطاطية متعددة المحركات التي تقوم بتهريب المخدرات نحو أوروبا، مرورا بنقطة المراقبة المتواجدة في الممر الوحيد لهذه البحيرة..هذه الزوارق التي كانت إلى عهد قريب تنطلق من داخل البحيرة على مقربة من مقر العمالة بالعشرات في اليوم الواحد و في كثير من الأحيان قبيل الزوال، حيث يراها المارة من الناس و البحارة العاملون بتلك البحيرة و الذين لطالما تضررت شباكهم من جراء مرورها عليها.أ
إن هذا الوضع المكشوف المخزي، و الذي يحدث في مناطق شاطئية متعددة موزعة عبر النفوذ الترابي لإقليم الناظور، قد هز مصداقية المؤسسات الأمنية في المنطقة بشكل قوي جدا، و كان بالنسبة لعامة الناس إعلانا واضحا عن تورطها في عمليات تهريب و ترويج هذه السموم القاتلة، بما لذلك من تأثير سلبي على هيبة مؤسسات الدولة عموما في مخيال المواطن المغربي بالإقليم.
أ
جــلالــة الــمــلــك

إننا من موقعنا كمجتمع مدني، غير راضين تماما عن هذا الوضع القائم، و نتطلع إلى جلالتكم لأجل التدخل العاجل لوضع الحد لما هو حاصل بإقليم الناظور، و الذي لا ينسجم و التقدم الكبير الذي يشهده على عدة مستويات..و ذلك حفاظا على أرواح و مستقبل أبنائنا. و في الختام، نتمنى لجلالتكم التوفيق في خطاكم و الازدهار لبلادنا











مقالات حول التحقيق مع شكيب الخياري من طرف الشرطة القضائية بالناظور

Melilla hoy
http://melillahoy.es/noticia.asp?ref=19264
http://melillahoy.es/noticia.asp?ref=19473

Diario de Leon
http://www.diariodeleon.es/se_nacional/noticia.jsp?CAT=102&TEXTO=100000028045

La voz de Galicia
http://www.lavozdegalicia.es/se_espania/imprimir_noticia.jsp?CAT=103&TEXTO=5250045

Info Melilla
http://www.infomelilla.com/noticias/index.php?accion=1&id=16902a

El Faro de Ceuta y Melilla

http://www.elfaroceutamelilla.com/noticia.asp?ref=18572

منبر الشعب
http://www.minbarachaab.net/khiarichakib.htm

الصحراء المغربية
http://www.almaghribia.ma/Paper/Article.asp?idr=7&idrs=7&id=30457

التجديد
http://attajdid.ma/def.asp?codelangue=6&infoun=29432

بــلاغ حول تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حول أحداث سبتة و مليلية

جمعية الريف لحقوق الإنسان
19/03/2007

أصدر مؤخرا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، تقريرا حمل عنوان " تقرير خاص بتقصي الحقائق حول أحداث الهجرة غير القانونية - أحداث سبتة و مليلية خلال خريف 2005 – "، قامت بصياغته و إعداده لجنة داخلية خاصة، و ذلك محاولة منها الكشف عن حيثيات و ملابسات الأحداث التي عرفتها المنطقة خلال تلك السنة و المرتبطة بالهجرة غير القانونية لمهاجرين أفارقة منحدرين من بلدان جنوب الصحراء، و التي شدت انتباه مختلف الهيئات الحقوقية و الإنسانية و الإعلامية على مستوى العالم لما واكبها من مشاهد لسلوكات لا إنسانية كان ضحيتها هؤلاء المهاجرون.أ
و بعد قراءتنا لمضامين هذا التقرير ، قمنا في مكتب الجمعية بتسجيل مجموعة من الملاحظات و المؤاخذات، ارتأينا اطلاع الرأي العام الوطني و الدولي على فحواها ، في محاولة منا لتصحيح العديد من المغالطات التي تم إدراجها في " التقرير" لأسباب ذاتية مرتبطة أساسا، بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أو بلجنة تقصي الحقائق التي كلفت بإعداده.أ
لقد قامت جمعيتنا منذ تأسيسها بتاريخ 25 دجنبر 2005، في إطار اشتغالها على موضوع حقوق الإنسان بالريف ، إلى جانب تخصيصها لحيز مهم منه لموضوع الهجرة المرتبطة بالأفارقة المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء المتواجدين بمختلف غابات إقليم الناظور، و في خضم الأحداث التي شهدتها المنطقة، قمنا بإصدار تقرير مفصل بتاريخ 26 يناير 2006، تطرقنا فيه لمختلف الحيثيات و الوقائع، اعتمادا على بحث ميداني أجريناه في مختلف مواقع تواجد هؤلاء المهاجرين، بتعاون مع جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية ، هناك حيث كنا متواجدين بجانبهم بشكل دائم ومستمر طيلة فترة الأحداث و ما تلاها ، إيمانا منا بحقنا في معرفة ما يجري على أرض الواقع ، وكذلك لتقديم الخدمات والمساعدات التي يمليها علينا الواجب الإنساني منها المساعدات العينية ( ألبسة – أدوية – مواد غذائية ...).أ
و تقريرنا المذكور ، تداولته في حينه وعلى نطاق واسع مختلف الأوساط المهتمة ، و قامت بنشر أجزاء منه العديد من الجرائد الوطنية و الأجنبية، كما تبنته العديد من المنظمات الحقوقية الدولية المشتغلة على موضوع الهجرة و على رأسها المنظمات الأوربية وكذا مختلف الجمعيات الحقوقية بمدينة مليلية و شبكة الجمعيات Migreurop التي اعتمدته من بين مراجع إصدارها الأخير المعنون بـ " الكتاب الأسود لسبتة و مليلية " و جمعية حقوق الإنسان بالأندلس، إضافة إلى العديد من الباحثين الأجانب المشتغلين على الموضوع.أ
بالنسبة لنا في مكتب جمعية الريف لحقوق الإنسان و انطلاقا من تجربتنا ومعاينتنا عن قرب لهذا الموضوع المطروح، فقد قمنا بتسجيل ملاحظات أساسية على تقرير اللجنة التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان نوردها كالتالي :أ
أ - تحدث التقرير الخاص بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عن كون هدف اللجنة يتمثل فقط في " التحري في الأحداث و تاريخ وقوعها و تلاحقها و خاصة فيما يتعلق بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان " ( ص 14 )، في حين أننا فوجئنا بغياب تام لأي جرد دقيق لانتهاكات حقوق الإنسان التي كان ضحيتها هؤلاء المهاجرون على إثر تلك الأحداث ، و أساسا العدد الحقيقي للقتلى و الجهات المسؤولة عن الجريمة و تاريخها و طرقها و طبيعة الأسلحة المستعملة فيها ، و أسماء الضحايا/القتلى و جنسياتهم إذا توفرت، و كذا أماكن دفن جثثهم. كما لم يتم التطرق بالتفصيل المطلوب لمختلف الخروقات التي طالتهم من طرف القوات الأمنية المغربية إثر تواجدهم في غابات مدينة الناظور وغيرها، أو بعد اعتقالهم إلى غاية ترحيلهم.أ
ب - إن اللجنة المذكورة تبنت بدورها الرقم المعبر عنه رسميا فيما يتعلق بعدد القتلى خلال الأحداث، و الذي يتحدث عن 14 قتيلا بكل من سبتة و مليلية من طرف السلطات الأمنية، و الواقع أن العدد يفوق ذلك، حيث سجلت جمعيتنا و جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية، وفاة 17 مهاجرا إفريقيا منحدرا من بلدان جنوب الصحراء مقتولا من طرف السلطات الأمنية المغربية و الإسبانية بإقليم الناظور فقط، دون احتساب ضحايا سبتة، و قد ورد ذلك في تقرير جمعيتنا الصادر بتاريخ 26 يناير 2006.أ
ت - تطرق تقرير اللجنة لثلاث نواقص اعترت عمل هذه الأخيرة ، و التي أثرت بشكل أساسي في مضمون التقرير، عكس ما جاء فيه من أن هذه " النواقص لم تؤثر في الدقة و الفعالية التي أبان عنها أعضاء اللجنة " ( ص 16 ) :أ
أولـهـا: انعدام رد فعل سريع، حيث " وقعت أحداث سبتة و مليلية في أواخر شتنبر و أوائل أكتوبر في حين تم إنشاء اللجنة في أوائل نونبر و تم القيام بزيارة ميدانية في بداية دجنبر" ( ص 15 )، و تبريرهم لذلك أن " السبب يرجع جزئيا إلى الظروف التي صادفت فترة إنهاء أشغال و تقرير هيئة الإنصاف و المصالحة "( ص 15 )، و هو مبرر واه على اعتبار أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لم يقتصر عمله على ملف هيئة الإنصاف و المصالحة، و أن واجبه يفترض مباشرة التحقيق في الحين و متابعة مجريات الأحداث عن قرب عبر لجنة /لجن مختصة.أ
ثـانـيـها: عدم الاستماع لمهاجرين قادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، و هو ما يفقد التقرير أحد أبرز عناصر تقصي الحقائق، ألا و هو الاستماع إلى الضحايا أنفسهم، فأعضاء اللجنة – يقول التقرير- " قاموا بزيارة ميدانية للمواقع التي شهدت الأحداث بما في ذلك الجوانب المحيطة بالأسوار الشائكة. و مع ذلك، فإن كل الأعضاء يأسفون للصعوبة، حتى لا نقول الاستحالة، التي واجهتهم في مقابلة أفارقة. و السبب في ذلك بسيط، هو أنه لم يكن هناك مهاجرون. و يعد هذا الاختفاء، ظاهريا، نتيجة لتحكم السلطات العمومية في الوضع. و قد أخبرنا أعضاء في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عن مكان يمكن الالتقاء فيه بهؤلاء المهاجرين و ذلك في نواحي الحي الجامعي بمدينة وجدة.غير أن هذه الإمكانية لم يتم تحقيقها نظرا لضيق الوقت. و في جميع الأحوال، فقد كان واضحا أنه من الصعب ربط الاتصال مع أفارقة في هذه الفترة، ذلك أن شكوكهم و مخاوفهم كانت كبيرة و لا تسمح بذلك" ( ص 15 ) فأعضاء اللجنة يؤكدون أن ربط الاتصال مع هؤلاء المهاجرين صعب لأن " شكوكهم و مخاوفهم كانت كبيرة و لا تسمح بذلك " فكيف علموا ، إذن ، بما يدور في خلد ونفوس هؤلاء المهاجرين من دون أن يلتقوا بهم أصلا؟ ألا يعتبر تصريح اللجنة هذا تبريرا مستبطنا لنية مسبقة في عدم الاستماع لهم؟
فجمعيتنا ،إلى يومنا هذا ، لا تزال تلتقي بهؤلاء المهاجرين في غابات إقليم الناظور، كما أن مسؤوليها على اتصال مستمر مع جمعية آيت إزناسن لتنمية و الثقافة و التضامن بوجدة و التي تتواجد باستمرار مع هؤلاء المهاجرين سواء في غابات وجدة و نواحيها أو في أماكن تواجدهم بجامعة محمد الأول بوجدة، لذلك ، فالتصريح باستحالة أو شبه استحالة اللقاء بهم لا تبرره المعطيات الواقعية.أ
ثـالـثـهـا: عدم زيارة موقع سبتة، و قدد برر التقرير ذلك بكونه " ليس إهمالا، بل إن ذلك راجع إلى ضيق الوقت و لأسباب متعلقة ببرامج أعضاء اللجنة " ( ص 16 ) مما يدفعنا للتساؤل عن جدوى مثل هذه اللجن التي ليس لأعضائها وقت لإنجاز مهامها؟
ث- و قد أورد التقرير أنه " خلال الزيارة التي قامت بها اللجنة في عين المكان، تمكن الأعضاء من مقابلة جميع الفاعلين المحليين في وجدة و الناظور "، و هو ما يدفعنا للتأكيد على أننا ، في جمعية الريف لحقوق الإنسان ، الجمعية الوحيدة بالمغرب التي تشتغل مع المهاجرين الأفارقة المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء المتواجدين في مختلف غابات إقليم الناظور، لم يسبق أن التقينا بهذه اللجنة، و لم يتصل بنا أحد من عناصرها.أ
ج - تحدث التقرير عن أول ضحية وقعت نهاية غشت، و هي المتعلقة بالكمروني " أكابانغ جوزيف أبوناو " بشكل مفارق لحقائق الواقع.أ
واعتبارا للمجهود والتضحيات التي تطلبها من مناضلي جمعيتنا هذا الملف الحقوقي بامتياز ـ حيث كان رئيس جمعيتنا قد تحصل على وكالة مفوضة من قبل عائلة الضحية المعنية (الكمروني) لتمثيل العائلة أمام كافة المؤسسات الرسمية المغربية تسهيلا للمساطر الإدارية قصد نقل جثته من المغرب إلى الكمرون ـ فإن الحقيقة التاريخية تلزمنا بتقديم معطيات هذه الفاجعة المعاشة لحظة بلحظة وبشكل مغاير لما تضمنه تقرير اللجنة.أ
و قد سرد تقرير اللجنة هذه الواقعة كما يلي :" يوم 29 غشت 2005 عرف سقوط أول ضحية تم العثور على جثته في مركز غاتشو غوردو، في جماعة فرخانة بإقليم الناظور، و هو يدعى أيكابانغ جوزيف أبوناو من جنسية كامرونية. و قد وفر البحث القضائي الذي أمر به الوكيل العام للملك في إقليم الناظور إمكانية الاستماع لبعض الشهود و من بينهم الكامروني ثيوفيل نيكما.و يتبين من خلال المعطيات التي قدمت لأعضاء اللجنة من طرف وزارة العدل أن الشخصين حاولا الدخول بطريقة غير قانونية إلى مليلية في 28 غشت 2005. و قد قام حرس الحدود الإسبانيون بإطلاق النار عليهما فأصيب الأول بجروح خطيرة قبل التخلي عنهما قرب السياج. و قد أظهر التشريح الطبي لجثة الهالك أن الوفاة كانت نتيجة نزيف داخلي: انفجار الكبد مع وجود أورام دموية أسفل أضلع الضحية. و ما زالت المسطرة القضائية جارية، و حسب نفس المصدر، فمن المنتظر تقديم مذكرة للطرف الإسباني" ( ص 23-24).أ
هذا و قد سبق لجمعيتنا أن تطرقت للموضوع بالتفصيل في تقريرها الصادر بتاريخ 26 يناير 2006، و الذي جاء فيه ما يلي : " بعد نجاح مجموعة من المهاجرين الأفارقة مكونة من حوالي 300 فرد في تجاوز الحاجز السلكي الفاصل بين مليلية و الناظور، حاصر الحرس المدني الأسباني هذه المجموعة و انهال على أفرادها بالضرب، و هناك تعرض كمروني اسمه " أكابانغ جوزيف أبوناو" – مزداد بتاريخ 04/06/1974 بكوبا بالكمرون- للضرب من طرف أحد رجال الحرس المدني الأسباني بواسطة عقب البندقية فيما بين العنق و الرأس، ثم و بنفس العنف على مستوى الكبد، مما تسبب له في نزيف دموي داخلي بالكبد، كما تعرض آخر من الكونغو لضرب مبرح أدى لتعرضه لإصابات خطيرة. بعد تسليمهم لجهات أمنية مغربية على الحدود بمقابل مادي، قامت هذه الأخيرة باعتقال مجموعة و أخذت الكونغولي المذكور إلى مستشفى الحسني بالناظور حيث توفي هناك، بينما تركت المجموعة الأخرى تذهب للغابة و معها الكمروني المذكور حيث توفي هناك، ثم تم نقله بعد تدخل مجموعة من الهيئات الأسبانية غير الحكومية لتنقل جثته إلى مستشفى الحسني.أ
بعد توصلنا بالخبر في حينه، انتقلنا بغتة إلى المستشفى، و بالضبط إلى قسم جراحة العظام، حيث رأينا مهاجران أفريقيان مكسورين من اليد، فسألنا عنهما الممرض المكلف برعايتهما، فأخبرنا بالحرف أنهما " من ضمن مجموعة مكونة من أربعة مهاجرين دخلوا المستشفى يوم الثلاثاء 29 غشت، اثنين منهما قتلهما الحرس المدني الأسباني في مليلية و هذين الشخصين قاموا بضربهما ثم ألقوا بالجميع إلى السلطات المغربية ".أ
إحدى هاتين الضحيتين اللتين وجدناهما بالمستشفى شخص يدعى كوني عيسى من بوركينافاصو عمره 21 سنة رقم دخوله للمستشفى هو 10945، و هو مصاب بكسر في يده اليسرى، و آخر يدعى تراوري يوسف من غانا يبلغ من العمر 22 سنة رقم دخوله 10944 و قد أجريت له عملية ناجحة على يده اليمنى المكسورة ، أما الاثنين المقتولين فقد صرح لنا الممرض الملكف برعايتهما أن جثثهما موجودة في مستودع الأموات بالمستشفى، و هو نفس ما أكده لنا حارس مستودع الأموات ، قبل أن تنقلب تصريحاتهما لاحقا بعد أن قمنا بإذاعة الخبر عبر عدد من الصحف الوطنية. هذا التحقيق تم بحضرة " عبد الفتاح الفكهاني " عن وكالة الأنباء الفرنسية ، لكن السلطات المغربية ما تزال لا تعترف بوفاة الكونغولي، بينما تكفلت جمعية حقوق الطفل بمليلية و جمعية الريف لحقوق الإنسان بالناظور و الجمعية الإسلامية بمليلية و جمعية الصداقة و التعاون مع بلدان شمال إفريقيا بإرسال جثة الكمروني إلى عائلته في الكمرون ".أ
ح - لقد حاول تقرير اللجنة أن يضع المغرب في موقع المدافع عن تواجد إسبانيا في مليلية حين أورد بأن " الهجوم على سبتة و مليلية ليس بالأمر الغريب، بل الغريب هو كيف تبقى هذه الأسوار صامدة. فمن الأكيد أنه دون مساعدة و إرادة الدولة المغربية ما كان لهذه الأسوار أن تصمد و لو أسبوعا واحد " ( ص 6 )، فبقاء الأسوار نابع عن إرادة الدولة المغربية، لكن التقرير يسجل على إسبانيا في فقرة أخرى عدم ردها لجميل المغرب هذا، ملقيا عليها اللوم كون أن " الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام، عبر مختلف أنحاء العالم، هي صور لكاميرات المراقبة ذات الأشعة تحت الحمراء المثبتة في الأسوار. و قد تسببت هذه الصور، قبل حدوث الوفيات، في " الحملة الإعلامية " التي عانى منها المغرب " ( ص 39 ).أ
فالتقرير يعتبر أن تلك الصور التي تم تناقلها بشكل ضيق جدا و التي لا تظهر سوى عدد من المهاجرين يحاولون التسلق من دون أن يتعرضوا للأذى من طرف عناصر الأمن الإسباني، هي التي تسببت في تلك الحملة الإعلامية الكبرى التي شهدتها تلك الفترة، و هو كلام غير مقبول، فقد كنا دائما في مكتب الجمعية نقدم يد العون لمختلف الهيئات و المنابر الإعلامية الوطنية منها و الدولية لمعرفة ما يجري، حيث كنا ننقل هذه الأخيرة إلى عين المكان للقاء المباشر مع هؤلاء المهاجرين و لأخذ الصورة الحقيقية عن أوضاعهم خاصة ظروف عيشهم في الغابات، و قد جاءتنا هذه المنابر الإعلامية من مختلف بقاع العالم و من مختلف المنابر و وكالات الأنباء الدولية الكبرى، و نفس الشيء قامت به جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية، حيث شكلنا معا تنسيقا لفضح مختلف الخروقات، و مختلف المقالات المنشورة عبر العالم يمكن الحصول عليها عبر الإنترنيت و التي تضم تصريحاتنا و تصريحات جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بهذا الخصوص.أ
خ - فالتقرير قد أثبت بالملموس الخلل الكبير الذي يعاني منه المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على مستوى الانسجام مع خطاباته التي يحاول الترويج لها بمنطق صيانة و الدفاع عن حقوق الإنسان بمفهومها الكوني و الشمولي، فقد أوصى هذا المجلس من خلال تقريره " السلطات العمومية بتشجيع تنظيم حملات لمناهضة جميع أشكال الميز العنصري " ( ص 41 ) في الوقت الذي نجد فيه مضمون التقرير ينطق بعبارات عنصرية واضحة حين يصف المغرب الكبير بـ " المغرب العربي " الذي هو أصلا وصف عنصري و ليس جغرافي، في إقصاء تام للمكون الأمازيغي المشكل الأساسي لثقافة المنطقة .أ
د - و قد ألقى التقرير اللوم على الجمعيات الحقوقية المغربية على اعتبار أن ندرة تدخلهم " تجعل السلطات و المهاجرين غير القانونيين وجها لوجه في أوقات الأزمات، و هي وضعية لا يمكن أن تؤدي إلا إلى استعمال القوة " ( ص 41 )، و كأن سبب استعمال القوة يرجع إلى عدم تدخل الجمعيات الحقوقية بالأساس ، ثم إن التقرير لم يشر إلى أن الدولة لا ترغب أصلا في تدخل الجمعيات الحقوقية في الموضوع، و دليله ما يتعرض له العديد من المناضلين المشغلين على الموضوع من مضايقات من طرف السلطات الأمنية بالمنطقة الشرقية على الخصوص، أبرزه التحقيق الذي تعرض له رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية، خوسي بلاسون أوسما، و رئيس جمعيتنا، شكيب الخياري، الذي تم التطرق له في العديد من الصحف الوطنية و الإسبانية، حيث تم اتهامهما بتحريض قرابة 40 مهاجرا أفريقيا منحدرا من بلدان جنوب الصحراء للتسلل إلى مليلية عبر تجاوز الحاجز السلكي، حيث قتل ثلاثة منهم، و الذي تزامن مع الزيارة الملكية للناظور، كما ووجها بكونهما يقدمان الدعم المادي و الأغذية إلى جانب القفازات ليسهّلا على هؤلاء المهاجرين تسلق الحاجز السلكي، و كذا تزويدهم بهواتف نقالة ليتصلوا فيما بينهم، و أنهما كانا يقومان بالتنسيق بين المهاجرين الذين سيقومون بالتسلل إلى مليلية و بين عناصر موجودة داخل مليلية عبر رسائل كانا يأخذانها من الغابة و يدخلانها إلى مليلية... و على إثر ذلك تم استدعاء رئيس جمعيتنا من طرف الشرطة القضائية بالناظور، بينما تم اقتياد خوسي بلاسون أوسما من الغابة ـ حيث كان يقدم مساعدات عينية لهؤلاء المهاجرين، من طرف عميد الأمن الإقليمي بالناظور ووالي أمن الجهة الشرقية رفقة عنصرين آخرين ـ مباشرة إلى مقر المنطقة الأمنية بالناظور للتحقيق معه لمدة تسع ساعات متصلة من طرف جميع الأجهزة الأمنية بما فيها الإستخباراتية.أ

إن الصورة السيئة التي طبعت تعامل السلطات المغربية مع ملف "الهجرة غير الشرعية "و التي تم الترويج لها إعلاميا على نطاق واسع، قد أخذت ، بالصور الواضحة من الميدان ، من قبل كبريات الهيئات الإعلامية الأجنبية المعترف بمصداقيتها دوليا ، بحيث انتقلت إلى أعماق غابات إقليم الناظور و التقت بالمعنيين المباشرين من هؤلاء "المهاجرين السريين"، و لم يأتيها ذلك من خلال تبني آراء و أفكار صادرة عن عناصر السلطات المغربية على المستوى المركزي و المحلي كما فعلت اللجنة التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان التي أعدت تقريرا يضم معلومات أحيانا ناقصة و أحيانا خاطئة.أ
ثم إن استخدام السلطات المغربية للرصاص الحي عند الحاجز السلكي المحيط بمدينة مليلية لا يمكن بأي حال من الأحوال القول بأنه لا يعبر عن الرغبة و بشكل مسبق في إزهاق أرواح هؤلاء المهاجرين العزل و الأبرياء، و إلا لتم استخدام أسلحة مكافحة الشغب.أ



عـن الـمـكـتـب