رسالة إلى الملك حول تهريب المخدرات بالناظور

جمعية الريف لحقوق الإنسان الناظور في 09/10/2006


إلـى جــلالــة الــمــلــك

تحية تقدير و احترام بما يليق بمقامكم
يشرفنا في "جمعية الريف لحقوق الإنسان" أن نكتب لجلالتكم عن أحد أكثر الأوضاع كارثية بإحدى مناطق ريفنا العزيز، ألا و هي منطقة إقليم الناظور، و ذلك بعد أن فقدنا الأمل بشكل كلي في تدخل السلطات الأمنية على المستوى المحلي لحل المشاكل التي تتخبط فيها المنطقة، عبر سنين عديدة...آملين في جلالتكم أن تضعوا الحد و الحل لهذا النزيف.
أ
جــلالــة الــمــلــك

من المؤكد أن حملات المتابعات الأخيرة التي قامت بها السلطات الأمنية في إطار محاربة تجارة المخدرات بكل من ولايتي تطوان و طنجة، و التي مست العديد من رجال السلطة من مختلف المستويات حتى العليا منها، ليعد تأكيدا واضحا لما نبهت إليه العديد من الهيئات المدنية و السياسية بالمنطقة منذ آماد بعيدة، من خطورة توغل شبكات تجارة المخدرات في صفوف الأجهزة الأمنية، التي أضحت مجموعة كبيرة من عناصرها تمثل الضمانة الأساسية لتهريب هذه السموم عبر مختلف أرجاء الوطن و إلى خارج ترابه.أ
و لهذا السبب عرف استهلاك المخدرات القوية أوجه خلال السنوات الأخيرة في إقليم الناظور، لدرجة أنها أصبحت تسوق في كثير من محلات بيع المواد الغذائية و المخادع الهاتفية و إحدى المراقص الليلية التابعة لأحد الفنادق القريبة من مقر عمالة إقليم الناظور، بحماية أمنية ثابتة و مكشوفة و من طرف عناصر أمنية معلومة..أدت في نهاية المطاف إلى أن تنتشر هذه المادة السامة القوية في صفوف المراهقين من الفتيان و الفتيات بشكل لم نعهده من قبل في منطقتنا، خاصة في أوقات الدراسة، مما قد يتسبب في المدى القريب أو المتوسط في إحداث كارثة خطيرة سوف لن تحمد عقباها..ستجرف معها بالتالي ثقة المواطنين في السلطات الأمنية إلى هاوية لا قرار لها.أ
لقد زاد من استفحال هذه الظاهرة و استعصاء حلها، تمكن هذه الشبكات الإجرامية من النجاح في التوغل داخل مراكز القرار السياسي ببلادنا، و ذلك عبر ولوجها قبة البرلمان بغرفتيه، بتزكية من جل الأحزاب الوطنية التي ساهمت - أي شبكات تجارة المخدرات - في تأسيس فروعها بماليتها على المستوى المحلي، ليصبح بذلك مصير مواطني المنطقة في قبضة تجار المخدرات، ليزداد الطين بلة بتحول الحصانة البرلمانية من وسيلة للدفاع عن حرية البرلماني في التعبير عن هموم و انشغالات المواطنين إلى وسيلة من وسائل قتلهم عبر الاتجار في المخدرات بمختلف أصنافها و على رأسها المخدرات القوية. لقد وصل الحد إلى أن أصبحت هذه السموم القاتلة تروج و بشكل كبير حتى داخل المؤسسة السجنية بالناظور، و ذلك تحت نظر و مسمع الجميع، من مساجين و زوار و مسؤولين، نهيك عن شروط الراحة الخاصة التي توفرها إدارة السجن لبارونات المخدرات و أتباعهم، إضافة إلى أن العديد من صفقاتهم الخبيثة تتم من هناك في ظل توفر الشروط الكاملة لهم بتواطؤ بائن مع المسؤولين. إن دعم عناصر نافذة من السلطات الأمنية على المستوى الإقليمي و الجهوي لبارونات المخدرات بمنطقتنا و توفير الحماية لهم قد دفع بهم إلى تجاوز كافة حدودهم، القانونية و الأخلاقية، فأضحوا لا يكترثون بالقوانين المعمول بها و لا يهابون عقابا من أية جهة كانت، و من ذلك، أخذوا ينهبون بكميات خيالية رمال الشواطئ ليبنوا بها مركباتهم السياحية و فيلاتهم الفارهة بدون تراخيص من الإدارات المختصة، فيما يهربون جزءا كبيرا منها إلى مدينة مليلية، كما أخذوا ينهبون أراضي المساكين و يخربون الهكتارات المتعددة من الغابات ليستولوا على قطع أرضية إضافية لمشاريعهم، محاولين بذلك تبييض أموالهم، التي تحصلوا عليها على حساب أرواح شباب المنطقة التي تذهب ظلما و هدرا.
أ
جــلالــة الــمــلــك

إن تجارة المخدرات و تهريبها بإقليم الناظور تختلف بشكل كبير عن مثيلاتها في باقي مناطق الشمال، فإذا كان الأصل فيها أنها ذات طابع سري، فإن وضعها القائم في إقليم الناظور على العكس من ذلك تماما، حيث أنها تتم أمام أنظار الناس عامة و في واضحة النهار، و بأشكال مثيرة للناظرين و مستفزة للنفوس . في مدينة الناظور توجد قبالة مقر العمالة و المقر السابق للقنصلية الإسبانية، على بعد أمتار قليلة، بحيرة تسمى "مارتشيكا"، و هي التي تشكل إحدى أبرز قواعد إنطلاق الزوارق المطاطية متعددة المحركات التي تقوم بتهريب المخدرات نحو أوروبا، مرورا بنقطة المراقبة المتواجدة في الممر الوحيد لهذه البحيرة..هذه الزوارق التي كانت إلى عهد قريب تنطلق من داخل البحيرة على مقربة من مقر العمالة بالعشرات في اليوم الواحد و في كثير من الأحيان قبيل الزوال، حيث يراها المارة من الناس و البحارة العاملون بتلك البحيرة و الذين لطالما تضررت شباكهم من جراء مرورها عليها.أ
إن هذا الوضع المكشوف المخزي، و الذي يحدث في مناطق شاطئية متعددة موزعة عبر النفوذ الترابي لإقليم الناظور، قد هز مصداقية المؤسسات الأمنية في المنطقة بشكل قوي جدا، و كان بالنسبة لعامة الناس إعلانا واضحا عن تورطها في عمليات تهريب و ترويج هذه السموم القاتلة، بما لذلك من تأثير سلبي على هيبة مؤسسات الدولة عموما في مخيال المواطن المغربي بالإقليم.
أ
جــلالــة الــمــلــك

إننا من موقعنا كمجتمع مدني، غير راضين تماما عن هذا الوضع القائم، و نتطلع إلى جلالتكم لأجل التدخل العاجل لوضع الحد لما هو حاصل بإقليم الناظور، و الذي لا ينسجم و التقدم الكبير الذي يشهده على عدة مستويات..و ذلك حفاظا على أرواح و مستقبل أبنائنا. و في الختام، نتمنى لجلالتكم التوفيق في خطاكم و الازدهار لبلادنا











ليست هناك تعليقات: