بــلاغ حول تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حول أحداث سبتة و مليلية

جمعية الريف لحقوق الإنسان
19/03/2007

أصدر مؤخرا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، تقريرا حمل عنوان " تقرير خاص بتقصي الحقائق حول أحداث الهجرة غير القانونية - أحداث سبتة و مليلية خلال خريف 2005 – "، قامت بصياغته و إعداده لجنة داخلية خاصة، و ذلك محاولة منها الكشف عن حيثيات و ملابسات الأحداث التي عرفتها المنطقة خلال تلك السنة و المرتبطة بالهجرة غير القانونية لمهاجرين أفارقة منحدرين من بلدان جنوب الصحراء، و التي شدت انتباه مختلف الهيئات الحقوقية و الإنسانية و الإعلامية على مستوى العالم لما واكبها من مشاهد لسلوكات لا إنسانية كان ضحيتها هؤلاء المهاجرون.أ
و بعد قراءتنا لمضامين هذا التقرير ، قمنا في مكتب الجمعية بتسجيل مجموعة من الملاحظات و المؤاخذات، ارتأينا اطلاع الرأي العام الوطني و الدولي على فحواها ، في محاولة منا لتصحيح العديد من المغالطات التي تم إدراجها في " التقرير" لأسباب ذاتية مرتبطة أساسا، بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أو بلجنة تقصي الحقائق التي كلفت بإعداده.أ
لقد قامت جمعيتنا منذ تأسيسها بتاريخ 25 دجنبر 2005، في إطار اشتغالها على موضوع حقوق الإنسان بالريف ، إلى جانب تخصيصها لحيز مهم منه لموضوع الهجرة المرتبطة بالأفارقة المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء المتواجدين بمختلف غابات إقليم الناظور، و في خضم الأحداث التي شهدتها المنطقة، قمنا بإصدار تقرير مفصل بتاريخ 26 يناير 2006، تطرقنا فيه لمختلف الحيثيات و الوقائع، اعتمادا على بحث ميداني أجريناه في مختلف مواقع تواجد هؤلاء المهاجرين، بتعاون مع جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية ، هناك حيث كنا متواجدين بجانبهم بشكل دائم ومستمر طيلة فترة الأحداث و ما تلاها ، إيمانا منا بحقنا في معرفة ما يجري على أرض الواقع ، وكذلك لتقديم الخدمات والمساعدات التي يمليها علينا الواجب الإنساني منها المساعدات العينية ( ألبسة – أدوية – مواد غذائية ...).أ
و تقريرنا المذكور ، تداولته في حينه وعلى نطاق واسع مختلف الأوساط المهتمة ، و قامت بنشر أجزاء منه العديد من الجرائد الوطنية و الأجنبية، كما تبنته العديد من المنظمات الحقوقية الدولية المشتغلة على موضوع الهجرة و على رأسها المنظمات الأوربية وكذا مختلف الجمعيات الحقوقية بمدينة مليلية و شبكة الجمعيات Migreurop التي اعتمدته من بين مراجع إصدارها الأخير المعنون بـ " الكتاب الأسود لسبتة و مليلية " و جمعية حقوق الإنسان بالأندلس، إضافة إلى العديد من الباحثين الأجانب المشتغلين على الموضوع.أ
بالنسبة لنا في مكتب جمعية الريف لحقوق الإنسان و انطلاقا من تجربتنا ومعاينتنا عن قرب لهذا الموضوع المطروح، فقد قمنا بتسجيل ملاحظات أساسية على تقرير اللجنة التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان نوردها كالتالي :أ
أ - تحدث التقرير الخاص بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عن كون هدف اللجنة يتمثل فقط في " التحري في الأحداث و تاريخ وقوعها و تلاحقها و خاصة فيما يتعلق بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان " ( ص 14 )، في حين أننا فوجئنا بغياب تام لأي جرد دقيق لانتهاكات حقوق الإنسان التي كان ضحيتها هؤلاء المهاجرون على إثر تلك الأحداث ، و أساسا العدد الحقيقي للقتلى و الجهات المسؤولة عن الجريمة و تاريخها و طرقها و طبيعة الأسلحة المستعملة فيها ، و أسماء الضحايا/القتلى و جنسياتهم إذا توفرت، و كذا أماكن دفن جثثهم. كما لم يتم التطرق بالتفصيل المطلوب لمختلف الخروقات التي طالتهم من طرف القوات الأمنية المغربية إثر تواجدهم في غابات مدينة الناظور وغيرها، أو بعد اعتقالهم إلى غاية ترحيلهم.أ
ب - إن اللجنة المذكورة تبنت بدورها الرقم المعبر عنه رسميا فيما يتعلق بعدد القتلى خلال الأحداث، و الذي يتحدث عن 14 قتيلا بكل من سبتة و مليلية من طرف السلطات الأمنية، و الواقع أن العدد يفوق ذلك، حيث سجلت جمعيتنا و جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية، وفاة 17 مهاجرا إفريقيا منحدرا من بلدان جنوب الصحراء مقتولا من طرف السلطات الأمنية المغربية و الإسبانية بإقليم الناظور فقط، دون احتساب ضحايا سبتة، و قد ورد ذلك في تقرير جمعيتنا الصادر بتاريخ 26 يناير 2006.أ
ت - تطرق تقرير اللجنة لثلاث نواقص اعترت عمل هذه الأخيرة ، و التي أثرت بشكل أساسي في مضمون التقرير، عكس ما جاء فيه من أن هذه " النواقص لم تؤثر في الدقة و الفعالية التي أبان عنها أعضاء اللجنة " ( ص 16 ) :أ
أولـهـا: انعدام رد فعل سريع، حيث " وقعت أحداث سبتة و مليلية في أواخر شتنبر و أوائل أكتوبر في حين تم إنشاء اللجنة في أوائل نونبر و تم القيام بزيارة ميدانية في بداية دجنبر" ( ص 15 )، و تبريرهم لذلك أن " السبب يرجع جزئيا إلى الظروف التي صادفت فترة إنهاء أشغال و تقرير هيئة الإنصاف و المصالحة "( ص 15 )، و هو مبرر واه على اعتبار أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لم يقتصر عمله على ملف هيئة الإنصاف و المصالحة، و أن واجبه يفترض مباشرة التحقيق في الحين و متابعة مجريات الأحداث عن قرب عبر لجنة /لجن مختصة.أ
ثـانـيـها: عدم الاستماع لمهاجرين قادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، و هو ما يفقد التقرير أحد أبرز عناصر تقصي الحقائق، ألا و هو الاستماع إلى الضحايا أنفسهم، فأعضاء اللجنة – يقول التقرير- " قاموا بزيارة ميدانية للمواقع التي شهدت الأحداث بما في ذلك الجوانب المحيطة بالأسوار الشائكة. و مع ذلك، فإن كل الأعضاء يأسفون للصعوبة، حتى لا نقول الاستحالة، التي واجهتهم في مقابلة أفارقة. و السبب في ذلك بسيط، هو أنه لم يكن هناك مهاجرون. و يعد هذا الاختفاء، ظاهريا، نتيجة لتحكم السلطات العمومية في الوضع. و قد أخبرنا أعضاء في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عن مكان يمكن الالتقاء فيه بهؤلاء المهاجرين و ذلك في نواحي الحي الجامعي بمدينة وجدة.غير أن هذه الإمكانية لم يتم تحقيقها نظرا لضيق الوقت. و في جميع الأحوال، فقد كان واضحا أنه من الصعب ربط الاتصال مع أفارقة في هذه الفترة، ذلك أن شكوكهم و مخاوفهم كانت كبيرة و لا تسمح بذلك" ( ص 15 ) فأعضاء اللجنة يؤكدون أن ربط الاتصال مع هؤلاء المهاجرين صعب لأن " شكوكهم و مخاوفهم كانت كبيرة و لا تسمح بذلك " فكيف علموا ، إذن ، بما يدور في خلد ونفوس هؤلاء المهاجرين من دون أن يلتقوا بهم أصلا؟ ألا يعتبر تصريح اللجنة هذا تبريرا مستبطنا لنية مسبقة في عدم الاستماع لهم؟
فجمعيتنا ،إلى يومنا هذا ، لا تزال تلتقي بهؤلاء المهاجرين في غابات إقليم الناظور، كما أن مسؤوليها على اتصال مستمر مع جمعية آيت إزناسن لتنمية و الثقافة و التضامن بوجدة و التي تتواجد باستمرار مع هؤلاء المهاجرين سواء في غابات وجدة و نواحيها أو في أماكن تواجدهم بجامعة محمد الأول بوجدة، لذلك ، فالتصريح باستحالة أو شبه استحالة اللقاء بهم لا تبرره المعطيات الواقعية.أ
ثـالـثـهـا: عدم زيارة موقع سبتة، و قدد برر التقرير ذلك بكونه " ليس إهمالا، بل إن ذلك راجع إلى ضيق الوقت و لأسباب متعلقة ببرامج أعضاء اللجنة " ( ص 16 ) مما يدفعنا للتساؤل عن جدوى مثل هذه اللجن التي ليس لأعضائها وقت لإنجاز مهامها؟
ث- و قد أورد التقرير أنه " خلال الزيارة التي قامت بها اللجنة في عين المكان، تمكن الأعضاء من مقابلة جميع الفاعلين المحليين في وجدة و الناظور "، و هو ما يدفعنا للتأكيد على أننا ، في جمعية الريف لحقوق الإنسان ، الجمعية الوحيدة بالمغرب التي تشتغل مع المهاجرين الأفارقة المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء المتواجدين في مختلف غابات إقليم الناظور، لم يسبق أن التقينا بهذه اللجنة، و لم يتصل بنا أحد من عناصرها.أ
ج - تحدث التقرير عن أول ضحية وقعت نهاية غشت، و هي المتعلقة بالكمروني " أكابانغ جوزيف أبوناو " بشكل مفارق لحقائق الواقع.أ
واعتبارا للمجهود والتضحيات التي تطلبها من مناضلي جمعيتنا هذا الملف الحقوقي بامتياز ـ حيث كان رئيس جمعيتنا قد تحصل على وكالة مفوضة من قبل عائلة الضحية المعنية (الكمروني) لتمثيل العائلة أمام كافة المؤسسات الرسمية المغربية تسهيلا للمساطر الإدارية قصد نقل جثته من المغرب إلى الكمرون ـ فإن الحقيقة التاريخية تلزمنا بتقديم معطيات هذه الفاجعة المعاشة لحظة بلحظة وبشكل مغاير لما تضمنه تقرير اللجنة.أ
و قد سرد تقرير اللجنة هذه الواقعة كما يلي :" يوم 29 غشت 2005 عرف سقوط أول ضحية تم العثور على جثته في مركز غاتشو غوردو، في جماعة فرخانة بإقليم الناظور، و هو يدعى أيكابانغ جوزيف أبوناو من جنسية كامرونية. و قد وفر البحث القضائي الذي أمر به الوكيل العام للملك في إقليم الناظور إمكانية الاستماع لبعض الشهود و من بينهم الكامروني ثيوفيل نيكما.و يتبين من خلال المعطيات التي قدمت لأعضاء اللجنة من طرف وزارة العدل أن الشخصين حاولا الدخول بطريقة غير قانونية إلى مليلية في 28 غشت 2005. و قد قام حرس الحدود الإسبانيون بإطلاق النار عليهما فأصيب الأول بجروح خطيرة قبل التخلي عنهما قرب السياج. و قد أظهر التشريح الطبي لجثة الهالك أن الوفاة كانت نتيجة نزيف داخلي: انفجار الكبد مع وجود أورام دموية أسفل أضلع الضحية. و ما زالت المسطرة القضائية جارية، و حسب نفس المصدر، فمن المنتظر تقديم مذكرة للطرف الإسباني" ( ص 23-24).أ
هذا و قد سبق لجمعيتنا أن تطرقت للموضوع بالتفصيل في تقريرها الصادر بتاريخ 26 يناير 2006، و الذي جاء فيه ما يلي : " بعد نجاح مجموعة من المهاجرين الأفارقة مكونة من حوالي 300 فرد في تجاوز الحاجز السلكي الفاصل بين مليلية و الناظور، حاصر الحرس المدني الأسباني هذه المجموعة و انهال على أفرادها بالضرب، و هناك تعرض كمروني اسمه " أكابانغ جوزيف أبوناو" – مزداد بتاريخ 04/06/1974 بكوبا بالكمرون- للضرب من طرف أحد رجال الحرس المدني الأسباني بواسطة عقب البندقية فيما بين العنق و الرأس، ثم و بنفس العنف على مستوى الكبد، مما تسبب له في نزيف دموي داخلي بالكبد، كما تعرض آخر من الكونغو لضرب مبرح أدى لتعرضه لإصابات خطيرة. بعد تسليمهم لجهات أمنية مغربية على الحدود بمقابل مادي، قامت هذه الأخيرة باعتقال مجموعة و أخذت الكونغولي المذكور إلى مستشفى الحسني بالناظور حيث توفي هناك، بينما تركت المجموعة الأخرى تذهب للغابة و معها الكمروني المذكور حيث توفي هناك، ثم تم نقله بعد تدخل مجموعة من الهيئات الأسبانية غير الحكومية لتنقل جثته إلى مستشفى الحسني.أ
بعد توصلنا بالخبر في حينه، انتقلنا بغتة إلى المستشفى، و بالضبط إلى قسم جراحة العظام، حيث رأينا مهاجران أفريقيان مكسورين من اليد، فسألنا عنهما الممرض المكلف برعايتهما، فأخبرنا بالحرف أنهما " من ضمن مجموعة مكونة من أربعة مهاجرين دخلوا المستشفى يوم الثلاثاء 29 غشت، اثنين منهما قتلهما الحرس المدني الأسباني في مليلية و هذين الشخصين قاموا بضربهما ثم ألقوا بالجميع إلى السلطات المغربية ".أ
إحدى هاتين الضحيتين اللتين وجدناهما بالمستشفى شخص يدعى كوني عيسى من بوركينافاصو عمره 21 سنة رقم دخوله للمستشفى هو 10945، و هو مصاب بكسر في يده اليسرى، و آخر يدعى تراوري يوسف من غانا يبلغ من العمر 22 سنة رقم دخوله 10944 و قد أجريت له عملية ناجحة على يده اليمنى المكسورة ، أما الاثنين المقتولين فقد صرح لنا الممرض الملكف برعايتهما أن جثثهما موجودة في مستودع الأموات بالمستشفى، و هو نفس ما أكده لنا حارس مستودع الأموات ، قبل أن تنقلب تصريحاتهما لاحقا بعد أن قمنا بإذاعة الخبر عبر عدد من الصحف الوطنية. هذا التحقيق تم بحضرة " عبد الفتاح الفكهاني " عن وكالة الأنباء الفرنسية ، لكن السلطات المغربية ما تزال لا تعترف بوفاة الكونغولي، بينما تكفلت جمعية حقوق الطفل بمليلية و جمعية الريف لحقوق الإنسان بالناظور و الجمعية الإسلامية بمليلية و جمعية الصداقة و التعاون مع بلدان شمال إفريقيا بإرسال جثة الكمروني إلى عائلته في الكمرون ".أ
ح - لقد حاول تقرير اللجنة أن يضع المغرب في موقع المدافع عن تواجد إسبانيا في مليلية حين أورد بأن " الهجوم على سبتة و مليلية ليس بالأمر الغريب، بل الغريب هو كيف تبقى هذه الأسوار صامدة. فمن الأكيد أنه دون مساعدة و إرادة الدولة المغربية ما كان لهذه الأسوار أن تصمد و لو أسبوعا واحد " ( ص 6 )، فبقاء الأسوار نابع عن إرادة الدولة المغربية، لكن التقرير يسجل على إسبانيا في فقرة أخرى عدم ردها لجميل المغرب هذا، ملقيا عليها اللوم كون أن " الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام، عبر مختلف أنحاء العالم، هي صور لكاميرات المراقبة ذات الأشعة تحت الحمراء المثبتة في الأسوار. و قد تسببت هذه الصور، قبل حدوث الوفيات، في " الحملة الإعلامية " التي عانى منها المغرب " ( ص 39 ).أ
فالتقرير يعتبر أن تلك الصور التي تم تناقلها بشكل ضيق جدا و التي لا تظهر سوى عدد من المهاجرين يحاولون التسلق من دون أن يتعرضوا للأذى من طرف عناصر الأمن الإسباني، هي التي تسببت في تلك الحملة الإعلامية الكبرى التي شهدتها تلك الفترة، و هو كلام غير مقبول، فقد كنا دائما في مكتب الجمعية نقدم يد العون لمختلف الهيئات و المنابر الإعلامية الوطنية منها و الدولية لمعرفة ما يجري، حيث كنا ننقل هذه الأخيرة إلى عين المكان للقاء المباشر مع هؤلاء المهاجرين و لأخذ الصورة الحقيقية عن أوضاعهم خاصة ظروف عيشهم في الغابات، و قد جاءتنا هذه المنابر الإعلامية من مختلف بقاع العالم و من مختلف المنابر و وكالات الأنباء الدولية الكبرى، و نفس الشيء قامت به جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية، حيث شكلنا معا تنسيقا لفضح مختلف الخروقات، و مختلف المقالات المنشورة عبر العالم يمكن الحصول عليها عبر الإنترنيت و التي تضم تصريحاتنا و تصريحات جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بهذا الخصوص.أ
خ - فالتقرير قد أثبت بالملموس الخلل الكبير الذي يعاني منه المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على مستوى الانسجام مع خطاباته التي يحاول الترويج لها بمنطق صيانة و الدفاع عن حقوق الإنسان بمفهومها الكوني و الشمولي، فقد أوصى هذا المجلس من خلال تقريره " السلطات العمومية بتشجيع تنظيم حملات لمناهضة جميع أشكال الميز العنصري " ( ص 41 ) في الوقت الذي نجد فيه مضمون التقرير ينطق بعبارات عنصرية واضحة حين يصف المغرب الكبير بـ " المغرب العربي " الذي هو أصلا وصف عنصري و ليس جغرافي، في إقصاء تام للمكون الأمازيغي المشكل الأساسي لثقافة المنطقة .أ
د - و قد ألقى التقرير اللوم على الجمعيات الحقوقية المغربية على اعتبار أن ندرة تدخلهم " تجعل السلطات و المهاجرين غير القانونيين وجها لوجه في أوقات الأزمات، و هي وضعية لا يمكن أن تؤدي إلا إلى استعمال القوة " ( ص 41 )، و كأن سبب استعمال القوة يرجع إلى عدم تدخل الجمعيات الحقوقية بالأساس ، ثم إن التقرير لم يشر إلى أن الدولة لا ترغب أصلا في تدخل الجمعيات الحقوقية في الموضوع، و دليله ما يتعرض له العديد من المناضلين المشغلين على الموضوع من مضايقات من طرف السلطات الأمنية بالمنطقة الشرقية على الخصوص، أبرزه التحقيق الذي تعرض له رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية، خوسي بلاسون أوسما، و رئيس جمعيتنا، شكيب الخياري، الذي تم التطرق له في العديد من الصحف الوطنية و الإسبانية، حيث تم اتهامهما بتحريض قرابة 40 مهاجرا أفريقيا منحدرا من بلدان جنوب الصحراء للتسلل إلى مليلية عبر تجاوز الحاجز السلكي، حيث قتل ثلاثة منهم، و الذي تزامن مع الزيارة الملكية للناظور، كما ووجها بكونهما يقدمان الدعم المادي و الأغذية إلى جانب القفازات ليسهّلا على هؤلاء المهاجرين تسلق الحاجز السلكي، و كذا تزويدهم بهواتف نقالة ليتصلوا فيما بينهم، و أنهما كانا يقومان بالتنسيق بين المهاجرين الذين سيقومون بالتسلل إلى مليلية و بين عناصر موجودة داخل مليلية عبر رسائل كانا يأخذانها من الغابة و يدخلانها إلى مليلية... و على إثر ذلك تم استدعاء رئيس جمعيتنا من طرف الشرطة القضائية بالناظور، بينما تم اقتياد خوسي بلاسون أوسما من الغابة ـ حيث كان يقدم مساعدات عينية لهؤلاء المهاجرين، من طرف عميد الأمن الإقليمي بالناظور ووالي أمن الجهة الشرقية رفقة عنصرين آخرين ـ مباشرة إلى مقر المنطقة الأمنية بالناظور للتحقيق معه لمدة تسع ساعات متصلة من طرف جميع الأجهزة الأمنية بما فيها الإستخباراتية.أ

إن الصورة السيئة التي طبعت تعامل السلطات المغربية مع ملف "الهجرة غير الشرعية "و التي تم الترويج لها إعلاميا على نطاق واسع، قد أخذت ، بالصور الواضحة من الميدان ، من قبل كبريات الهيئات الإعلامية الأجنبية المعترف بمصداقيتها دوليا ، بحيث انتقلت إلى أعماق غابات إقليم الناظور و التقت بالمعنيين المباشرين من هؤلاء "المهاجرين السريين"، و لم يأتيها ذلك من خلال تبني آراء و أفكار صادرة عن عناصر السلطات المغربية على المستوى المركزي و المحلي كما فعلت اللجنة التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان التي أعدت تقريرا يضم معلومات أحيانا ناقصة و أحيانا خاطئة.أ
ثم إن استخدام السلطات المغربية للرصاص الحي عند الحاجز السلكي المحيط بمدينة مليلية لا يمكن بأي حال من الأحوال القول بأنه لا يعبر عن الرغبة و بشكل مسبق في إزهاق أرواح هؤلاء المهاجرين العزل و الأبرياء، و إلا لتم استخدام أسلحة مكافحة الشغب.أ



عـن الـمـكـتـب

ليست هناك تعليقات: